العناصر ، والسموات ، أو أجسام صغار صلبة لا تقبل الانقسام إلا بحسب الوهم ، واختلفوا في أنها كرات أو مضلعات ، وعلى تقدير عدم الجسمية.
فقيل : هي نور وظلمة ، والعالم من امتزاجهما ، وقيل نفس وهيولى ، تعلقت الأولى بالأخرى فحدثت الكائنات ، وقيل وحدات تحيزت وصارت نقطا ، واجتمعت النقط فصارت خطا ، واجتمعت الخطوط فصارت سطحا ، واجتمعت السطوح فصارت جسما وبالجملة فللقائلين بقدم العالم مذاهب مختلفة مفصلة في كتب الإمام ، والظاهر أنها رموز وإشارات على ما هو دأب المتقدمين من الحكماء ، وأما قدمها لصفاتها دون ذواتها فغير معقول.
الأدلة على أن الأجسام لا تخلو من الحوادث
[قال (لنا وجوه)
الأول : أن الأجسام لا تخلو عن الحوادث ، لأنها لا تخلو عن الأعراض قطعا (١) ، وهي حادثة لما تقرر من امتناع بقائها على الإطلاق ، ولأنها لا تخلو عن الحركة والسكون ، لأن للجسم كونا في الحيز لا محالة ، فإن كان مسبوقا بكون في ذلك الحيز فسكون ، وإلا فحركة ، وكل منهما حادث. أما الحركة فلاقتضائها المسبوقية بالغير سبقا لا تجامع فيه للمتقدم والمتأخر وهو معنى الحدوث ، ولكونها في معرض الزوال قطعا وهو ينافي القدم (٢) ، وأما السكون فلأنه وجودي لكونه من
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (قطعا)
(٢) القديم في اللغة ما مضى على وجوده زمان طويل ، ويطلق في الفلسفة العربية على الموجود الذي ليس لوجوده ابتداء ويرادفه الأول قال ابن سينا : يقال قديم للشيء اما بحسب ذاته ، وإما بحسب الزمان والقديم بحسب الذات هو الذي ليس لذاته مبدأ هي به موجودة.
والقديم بحسب الزمان هو الذي لا أول لزمانه (النجاة ٣٥٥) وقال أيضا : القدم يقال على وجوه فيقال : قديم بالقياس ، وهو شيء في زمانه في الماضي اكثر من زمان شيء آخر. وأما القديم المطلق ، فهو أيضا يقال على وجهين بحسب الذات وبحسب الزمان. اما الذي بحسب الزمان فهو الشيء الذي وجد في زمان ماض غير متناه ، وأما القديم بحسب الذات فهو الشيء الذي ليس لوجود ذاته مبدأ به وجب (رسالة الحدود ١٠٢)