كذلك لما مرّ ، وإنما قيد بالوجودي لأن عدم الحادث قديم يزول إلى الوجود إذ دليل امتناع عدم القديم. وهو أنه إما واجب أو مستند إليه بطريق الإيجاب ، إنما قام في الموجود أما كون السكون وجوديا فلأنه من الأكوان ، وأما كونه جائز الزوال فلأن كل جسم قابل للحركة. أما أولا فلعدم نزاع الخصم في ذلك. وأما ثانيا فلأن الأجسام [متماثلة فيجوز على كل منها ما يجوز على الآخر فإذا جاز الحركة على البعض بحكم المشاهدة جاز على الكل. وأما ثالثا فلأن الأجسام] (١) إما بسائط وإما مركبات. فالبسائط يجوز على كل من أجزائها المتشابهة الحصول في حيز الآخر ، وما ذاك إلا بالحركة والمركبات بجوز على كل من بسائطها المقاسمة (٢) أن يكون تماسها الذي وقع بجزء من هذا يقع بسائر أجزائه المتشابهة وذلك بالحركة.
واعترض على ما ذكر في بيان امتناع خلو الجسم عن الحركة والسكون ، بأنه لو صح لزم أن يكون الجسم في أول السكون متحركا أو ساكنا واللازم باطل قطعا لاقتضاء كل منهما المسبوقية [بكون آخر. وبأنا لا نسلّم أن الكون في حيز إن لم يكن مسبوقا بالكون في ذلك الحيز كان حركة ، وإنما يلزم لو كان مسبوقا بالكون في حيز آخر ، وهذا فى الأزل محال ، لأن الأزلية تنافي المسبوقية] (٣) بحسب الزمان.
وأجيب بأن الكلام في الكون المسبوق بكون آخر للقطع بأن الكون الذي لا كون قبله حادث قطعا وفيه المطلوب ، وعلى هذا فالمنع ساقط لأن معنى الكلام أن الكون إن لم يكن مسبوقا بالكون في ذلك الحيز ، بل في حيز آخر كان حركة ، وما ذكر من أن هذا ينافي الأزلية باطل ، لأن الأزل ليس عبارة عن حالة زمانية لا حالة قبلها ليكون الكون فيه كونا لا كون قبله (٤) ، بل معناه نفي أن يكون الشيء بحيث يكون له أول ، وحقيقته الاستمرار في الأزمنة المقررة الماضية ، بحيث لا يكون له بداية ، كما أن حقيقة الأبدية هو الاستمرار في الأزمنة الآتية لا إلى نهاية.
__________________
(١) ما بين القوسين سقط من (ب)
(٢) في (أ) المتاسة بدلا من (المقاسمة) وهو تحريف
(٣) ما بين القوسين سقط من (ب)
(٤) في (ب) بعده بدلا من (قبله) وهو تحريف