الآن ، وأخرى من يوم الطوفان كل منهما لا إلى نهاية ، ثم نطبق بينهما بحسب فرض العقل إجمالا ، بأن تقابل الأول من هذه بالأول من تلك وهكذا ، فإما أن يتطابقا فيتساوى الكل والجزء أو لا فتنقطع الطوفانية ويلزم انتهاء الآنية (١) لأنها لا تزيد عليها إلا بقدر متناه.
وثانيهما : طريق التكافؤ ، وهو أنا نفرض سلسلة من الحادث المعين الذي هو مسبوق بحادث وليس سابقا على حادث آخر بمنزلة المعلول الأخير ، فلضرورة تضايف السابقية والمسبوقية وتكافؤ المتضايفين في الوجود لزم أن تشتمل السلسلة على سابق غير مسبوق ، وهو المنتهى ، وتقرير آخر أنا نفرض سلسلة من المسبوقية ، وأخرى من السابقية ، ثم نطبق بينهما فتقع مسبوقية الأخير بإزاء سابقية ما فوقه ، فيلزم الانتهاء إلى ما له السابقية دون المسبوقية تحقيقا للتضايف.
أدلة امتناع تعاقب الحوادث لا إلى بداية ونهاية
[قال (وقد يذكر)
وجوه أخر مثل أن حدوث كل يستلزم حدوث الكل ، وأن قبول الزيادة والنقصان يستلزم التناهي ، وأن عدم تناهي الحركات الماضية يستلزم امتناع انقضائها ، وأن كل جزء من الحركة لزواله يجب أن يكون أثر المختار دون الموجب فيكون حادثة ، وأن الحركة إن كانت مسبوقة بأخرى امتنع أزليتها ، وإلا تحقق أوليتها ، وأن كلا من جزئيات الحركة مسبوق بعدم أزلي فيتقارن عدماها في
__________________
(١) الإنية : اصطلاح فلسفي قديم معناه تحقيق الوجود العيني زعم أبو البقاء : أنه مشتق من (إنّ) التي تفيد في اللغة العربية التأكيد والقوة في الوجود لذاته ، لكونه اكمل الموجودات في تأكيد الوجود ، قال : ولهذا أطلقت الفلاسفة لفظ (الإنية) على واجب الوجود لذاته ، لكونه اكمل الموجودات في تأكيد الوجود وفي قوة الموجود وهذا لفظ محدث ليس من كلام العرب (كليات أبي البقاء) وزعم بعض المحدثين أن الإنية لفظ معرّب عن كلمة (اين) اليونانية التي معناها كان أو وجد ، واختلفوا في ضبط هذه الكلمة فقرأها بعضهم آنية كما في تعريفات الجرجاني وهذا خطأ لأن الآنية نسبة الى الآن وقرأها بعضهم أنية نسبة الى ان المخففة وضبطها آخرون بالأيية والأينية وهذا كله خطأ لأن الأينية نسبة الى الأين والأينية نسب الى أي ونعتقد ان اشتقاق اللفظ من (ان) لا يمنع ان يكون بينه وبين اين اليونانية تشابه.