الجسم أثر الفاعل المختار
[قال (الثالث)
أن الجسم أثر الفاعل المختار ابتداء أو انتهاء ، لما سيجيء من إثبات قدرة الواجب فيكون حادثا لما مرّ].
لا خفاء في أن الجسم ، بل كل ممكن يحتاج إلى مؤثر ، ولا بدّ من الانتهاء (١) إلى الواجب تعالى.
وسيجيء أنه فاعل الاختيار (٢) ، وقد سبق أن كل ما هو أثر المختار فهو حادث مسبوق بالقصد إلى إيجاده ، ولا يكون ذلك إلا حال عدمه. وبهذا نثبت حدوث ما سوى الصانع (٣) من الجواهر والأعراض ، وليشكل بصفاته القديمة. ولا يتم إلا على من يجعل سبب الاحتياج إلى المؤثر مجرد (٤) الإمكان. وكذا الرابع إلا أنه لا يتوقف على إثبات كون الصانع مختارا ، لكن يبتنى على المغلطة المشهورة. وهي أن تأثير المؤثر في الشيء حال وجوده تحصيل للحاصل ، وقد عرفت (٥) حلها. وأما الخامس. فهو بعينه الأول إلا أنه بين فيه عدم خلو الجسم عن الحادث ، بأنه لا يخلو عن مقدار مخصوص أو حيز مخصوص ، وكل منهما حادث ، لكونه أثر المختار. إذ نسبة الموجب إلى جميع المقادير والأحياز على السواء.
ويردّ عليه : أنه يجوز أن يكون ذلك باعتبار المادة أو الصورة أو عدد الجواهر (٦) الفردة أو غير ذلك من الأسباب الخارجة.
__________________
(١) في (ب) والمؤثر هو الواجب
(٢) قال تعالى : «يخلق ما يشاء ويختار»
(٣) في (ب) الواجب بدلا من (الصانع)
(٤) سقط من (أ) لفظ (مجرد)
(٥) سقط من (ب) جملة (وقد عرفت حلها)
(٦) كل حجر يستخرج منه شيء ينتفع به فهو جوهر ، الواحدة جوهرة ، وجوهر كل شيء ما خلقت عليه جبلته ، والجوهر النفيس هو الذي تتخذ منه الفصوص ونحوها ، وجوهر السيف فرنده ، وقيل الجوهر هو الأصل أي أصل المركبات ـ