يكون وجوده أيضا أزليا ، لكن المقدم حق ، إذ لو كان في الأزل ممتنعا ثم يصير ممكنا فيما لا يزال ، لزم انقلاب المحال ، فكذا التالي ، وجه اللزوم أنه إذا كان الإمكان مع صحة التأثير متحققا في الأزل ، ولا يوجد الأثر إلا فيما لا يزال ، كان ذلك تركا للجود مدة لا تتناهى ، وذلك لا يليق بالجواد المطلق.
والجواب : بعد تسليم امتناع ترك الجود. أنه إنما يلزم لو أمكن وجود العالم في الأزل على أن يكون الأزل ظرفا للوجود وهو ممنوع ، والثابت بالبرهان (١) استحالة الانقلاب ، هو أن وجوده ممكن في الأزل ، على أن يكون الأزل ظرفا للإمكان. ألا ترى أن الحادث بشرط الحدوث ممكن أزلا ، ووجوده في الأزل محال دائما ، وقد سبق ذلك في بحث الوجوب والإمكان والامتناع.
دليل ثالث على قدم العالم
والرد عليه
[قال (الثالث)
إن الجسم مركب من مادة هي قديمة ، لامتناع تسلسل المواد ، ومن صورة هي لازمة للمادة لما مرّ فيكون قديما ، والجواب : منع المقدمات].
قد سبق الكلام على ما يدعيه الفلاسفة من تركب الجسم من الهيولي والصورة (٢) ، وكون الهيولي قديمة وكونها غير منكفة عن صورة ما.
__________________
ـ قال ابن سينا والامكان إما أن يعني به ما يلازم سلب ضرورة العدم وهو الامتناع.
وأما أن يعني به ما يلازم سلب الضرورة في العدم والوجود جميعا (الاشارات ٢٤) فاعتبار الذات وحدها لا يخلو اما أن يكون مقتضيا لوجوب الوجود أو مقتضيا لامتناع الوجود (النجاة ص ٣٦٧) ونحن نسمي إمكان الوجود قوة الوجود (الشفاء ٢ ـ ٤٧٧ والنجاة ٣٨٥)
(١) في (ب) والثانية بدلا من (الثابت)
(٢) الصورة في اللغة : الشكل الهندسي المؤلف من الأبعاد التي تتحدد بها نهايات الجسم ، كصورة الشمع المفرغ في القالب فهي شكله الهندسي ومن قبيل ذلك صورة التمثال ، والأنف ، والجبل ، والغيم فهي تدل على الأوضاع الملحوظة في هذه الأجسام كالاستدارة والاستقامة والاعوجاج.
والصورة عند الفلاسفة مقابلة للمادة وهي ما يتميز به الشيء مطلقا فإذا كان في الخارج كانت ـ