الفصل الثاني
الجسم مركب وبسيط وفلكي وعنصري
قال (الفصل الثاني فيما يتعلق بالاجسام على التفصيل) والكلام فيه مرتب (١) على أربعة أقسام ، لأن الجسم (٢) إما مؤلف من أجسام مختلفة الطبائع فمركب ، وإلا فبسيط ، والبسيط إما فلكي أو عنصري. والمركب إما ممتزج أو لا وقد يرسم البسيط بأنه الذي يكون جزؤه المقداري كالكل في الاسم ، والحد (٣) ، والمركب بخلافه.
مثل البحث عن خصوص أحوال البسائط الفلكية أو العنصرية ، أو المركبات المزاجية ، أو غير المزاجية ، أو حال ما هو من أقسام بعض هذه الأربعة.
قال (جزؤه المقداري)
احترازا عن الجزء العقلي كالجنس والفصل (٤) ، أو العيني كالهيولى والصورة ،
__________________
(١) سقط من (أ) لفظ (فيه)
(٢) الجسم في بادئ النظر هو هذا الجوهر الممتد القابل للابعاد الثلاثة الطول ، والعرض والعمق ، وهو ذو شكل ووضع ، وله مكان اذا شغله منع غيره من التداخل فيه معه ، فالامتداد وعدم التداخل هما إذن المعنيان المقومان للجسم ، ويضاف إليهما معنى ثالث ، وهو الكتلة والجسم الطبيعي عند قدماء الفلاسفة هو مبدأ الفعل والانفعال ، وهو الجوهر المركب من مادة ، وصورة ، وهم وان كانوا يطلقون الجوهر أيضا على كل متحيز ، فيكون معنى الجوهر أعم من معنى الجسم.
(٣) الحد في اللغة المنع والفصل بين الشيئين ، ومنتهى كل شيء حده ، والحد في اصطلاح الفلاسفة هو القول الدال على ماهية الشيء ، وهو تعريف كامل ، أو تحليل تام لمفهوم اللفظ المراد تعريفه ، كتعريف الانسان بالحيوان الناطق.
وينقسم الحد الى تام وناقص فالتام هو ما يتركب من الجنس والفصل القريبين كتعريف الانسان بالحيوان الناطق ، والناقص : هو ما يكون بالفصل القريب وحده ، أو به وبالجنس البعيد ، كتعريف الانسان بالجسم الناطق ، ومن شرط الحد التام أن يكون جامعا مانعا أي يجمع المحدود ويمنع غيره من الدخول فيه ، ومن شرطه أن يكون مطردا ومنعكسا.
(٤) الفصل : عند المنطقيين له معنيان أحدهما ما يتميز به شيء عن شيء ذاتيا كان أو عرضيا لازما أو مفارقا شخصيا أو كليا وهو مرادف للفرق. وثانيهما ما يتميز به الشيء في ذاته ، وهو الجزء الداخل في الماهية ، كالناطق مثلا ، فهو داخل في ماهية الانسان ومقوم لها ويسمى بالفصل المقوم. وهذا المعنى الثاني هو الذي أشار إليه ابن سينا في قوله : وأما الفصل فهو الكلي الذاتي الذي يقال على نوع تحت جنس فى جواب أي شيء هو منه ، كالناطق للإنسان فبه يجاب حين يسأل أي حيوان هو (النجاة ص ١٤).