فإن قيل : طبيعة المحدد واحدة لما سيجيء ، فيكون محدبه مستديرا كمقعره.
قلنا : فيكون ذلك استدلالا برأسه لا يفتقر إلى ذكر الحركة ، ولزوم الخلاء (١) ، والشكل البيضي سطح يحيط به قوسان متساويتان ، كل منهما أصغر من نصف دائرة. والعدسي ما هما أعظم. وكل منهما إذا أدير على نفسه حصل مجسمه ، وأما كون المحدد محيطا بذوات الجهات ، فلأن غير المحيط إنما يتحدد به القرب منه وهو ظاهر ، فلا يكون محددا للجهتين. هذا خلف.
المراد بمحدد الجهة ما يتعين به وضع الجهة
[قال (ثم معنى تحديده)
الجهات تعيين أوضاعها به ، وإلا فالفاعل لا يلزم أن يكون جسما ، والقابل ليس إلا واحدا ، لأن العلو نقطة من الفلك ، والسفل من الأرض ، لكن من حيث أنها مركز للمحيط ، ومتحددة به المحيط بتعين مركزه ولا عكس. ولهذا لم يكن للأرض دخل في التحديد ، وإنما تعين المحيط بالكل ، لأن المحاط قد يمتد الإشارة منه ، فلا يكون هو المنتهى ، وعلى هذا يكون المحدد بالحقيقة ، هو محدب المحيط ، ويكون مقعره تحت كما في سائر الأفلاك بحسب الأجزاء المفروضة ، وبعضهم (٢) على أنه نفس المحيط حتى يكون كله فوق لذاته].
جواب سؤال تقريره أن المراد بمجرد الجهة إن كان فاعلها ، فلا نسلم لزوم كونه ذا وضع فضلا عن الإحاطة ، وإن كان قابلها ، فمحدد العلو والسفل لا يكون واجدا ضرورة أن المركز لا يقوم بالمحدد وتقرير الجواب : أن المراد به ما يتعين به
__________________
(١) الخلاء عند الفلاسفة : خلو المكان من كل شيء فإذا قلت مع ديكارت مثلا : إن المادة امتداد لزمك القول: ان الخلاء المطلق متناقض ومحال. ويطلق الخلاء عند بعضهم على الامتداد الموهوم المفروض في الجسم أو في نفسه الصالح لأن يشغله الجسم ، ويسمى أيضا بالمكان والبعد الموهوم ، والفراغ الموهوم ، وحاصله البعد الموهوم الخالي من الشاغل.
ويطلق الخلاء أيضا على خلو المكان من مادة معينة توجد فيه بالطبع كخلاء (البارومتر) وعلى الخلو من الفكر : كخلو الجملة من المعنى ، وخلو الشعر من الخيال.
(٢) في (ب) ويقتضي بدلا من (وبعضهم) وهو تحريف