القمر ، وفوقه فلك عطارد (١) ، وهكذا إلى المحدد. وقولهم : إنها تطلب جهة الفوق يجوز بمعنى أنها تطلب المكان الذي يلي جهة الفوق ، وبعد الاتفاق على أن المحدود فوق الكل. اختلفوا في أنه هل ينقسم بحسب الأجزاء المفروضة إلى فوق وتحت كسائرة الأفلاك حيث يجعل ما يلي محيط المحدد كما لمحدب فوق ، وما يلي مركزه تحت كالمقعر ، فجوزه بعضهم بناء على أن المحدد بالذات هو محدبه إذ إليه الانتهاء ، فتكون الإشارة من مقعره إلى محدبه من تحت ، ومنعه بعضهم زعما منه أن المحدد هو نفسه فيكون كله فوق ، بخلاف الأرض ، فإن تحتيتها ليست لذاتها ، بل لكونها في صوب المركز حتى لو تحركت عنه كانت حركة من تحت.
إثبات المحدد مبنى على امتناع الخلاء
[قال (تنبيه)
لما كان عندنا الخلاء ممكنا ، والأجسام متماثلة ، والحركات مستندة إلى قدرة المختار، لم يتم ما ذكروه ، ولم تمنع الحركة المستقيمة على السموات ، ولم تثبت ما فرعوا على ذلك ، من أنها لا تقبل الخرق والالتئام ، ولا الكون والفساد ، ولا الكيفيات الفعلية ، والانفعالية. ونحو ذلك ، وزعم بعض القدماء أنها في غاية الصلابة ، واليبس ، والملاسة ، ولها في تمارسها نغمات (٢) يسمعها أصحاب الرياضة].
__________________
(١) عطارد : أقرب الكواكب الى الشمس يطلق عليه وعلى الزهرة اسم كوكب سفلى لوقوع مساريهما بين الأرض والشمس له أوجه كالقمر ومتوسط بعده عن الشمس ٥٧٥٣٦٠٠٠ كم ودورته حولها ٨٨ يوما وكتلته ١ / ٣٧ من كتلة الأرض وكثافته ٣ / ٥ كثافتها ، وهو لا يبتعد عن الشمس أكثر من ٢٨ لذا لا يبقى طويلا فوق الافق بعد الغروب أو قبل الشروق ، فيصعب رصده ، دورته حول محوره تستغرق ٨٨ يوما مثل دورته في مساره ، لذا كان أحد نصفيه دائما مواجها للشمس فتربو حرارته على ٥٦٠ ف بينما تنخفض في النصف الآخر الى قريب من الصفر المطلق ، وليس له أقمار ، ولا يحتفظ بغلاف جوي. (راجع الموسوعة الثقافية ص ٦٦٨)
(٢) في (ب) نفحات بدلا من (نغمات)