المبحث الثاني
المحدد تاسع الأفلاك في زعمهم
[قال (المبحث الثاني)
زعموا أن المحدد تاسع الأفلاك بمعنى قيام الدليل على وجود التسعة ، وإن جوز بعضهم ردها إلى الثمانية بل السبعة].
قد انجر الكلام هاهنا إلى ذكر جمل من علم الهيئة (١) الباحث عن أحوال الأجسام (٢) البسيطة العلوية والسفلية من حيث كمياتها ، وكيفياتها ، وأوضاعها وحركاتها اللازمة لها ، لأن بعض ذلك مما ينتفع به في الشرعيات ، كتعدد المشارق والمغارب ، واختلاف المطالع ، وأمر القبلة ، وأوقات الصلاة ، وغير ذلك ، وبعضه مما يعين على التفكر في خلق السموات والأرض المؤدي إلى مزيد خبرة ببالغ حكمة الصانع ، وباهر قدرته وبعضه مما يجب التنبه لفساده ، فيحكى كذلك وهذا العلم فيما بينهم أيضا ، يذكر على طريق الحكاية ، عن علم آخر فيه براهينه يسمونه (٣) المجسطي ، فلا بأس إن اقتصرنا على مجرد الحكاية ، لكن على وجهها إن شاء الله تعالى ، لا كما وقع في المواقف. فيتعجب من له أدنى نظر في هذا الفن من قلة اهتمام الحاكي بالمحكي ، ويتخذ ذلك مغمزا على المتصدي لتحقيق العلوم الإسلامية ، فنقول لما وجدوا الشمس والقمر وسائر الكواكب متحركة
__________________
(١) علم الهيئة أحد الأقسام الأصلية للحكمة الرياضية ، ويعرف فيه حال أجزاء العالم في أشكالها وأوضاع بعضها عند بعض ومقاديرها وابعاد ما بينها ، وحال الحركات التي للافلاك ، والتي للكواكب وتقدير الكرات والقطوع والدوائر التي بها تتم الحركات ويشتمل عليها كتاب المجسطي (رسالة ابن سينا في أقسام العلوم العقلية تسع رسائل في الحكمة والطبيعيات الرسالة الخامسة ، ص ١١١ ـ ١١٢)
(٢) في (ب) الأجرام بدلا من (الأجسام)
(٣) في (أ) يمسونه بدلا من (يسمونه)