يعني أنهم وجدوا القمر يكسف (١) سائر السيارات ، ومن الثوابت ما يكون على ممره ، فحكموا بأن فلكه تحت الكل ، وهكذا الحكم في البواقي إلا الشمس ، فإنها لا يكسفها غير القمر ، ولا يدرك كسفها بشيء من الكواكب ، لاحترافها عند مقارنتها ، فالحكم بكونها فوق الزهرة وعطارد استحسانا لما فيه من حسن الترتيب ، وجودة النظام ، حيث يكون النير الأعظم في الوسط من السيارات بمنزلة شمسة القلادة ، وقد تأكد هذا الاستحسان بمناسبات أخر.
وزعم بعضهم أنه رأى الزهرة كشامة على صفحة الشمس ، والحكم بكونها تحت الثلاثة العلوية. أعني زحل والمشتري والمريخ ، مأخوذ من اختلاف المنظر ، وهو بعد ما بين طرفي الخطين المارين بمركز الكوكب الواصلين إلى فلك البروج الخارج أحدهما من مركز العالم ، والآخر موضع الناظر. فإن وجوده يدل على القرب منا ، وعدمه على البعد ، وقد وجد للشمس دون العلوية والثوابت ، فعلم أنها تحتها ، ولم يعرف وجوده للزهرة وعطارد ، لأنه إنما يعرف بإله لهم تسمى ذات الشعبتين تنصب في سطح نصف النهار ، والزهرة وعطارد لكونهما حوالي الشمس دائما ، لا يصلان إلى نصف النهار ظاهرين ، ولما كانوا معترفين بأنه لا قطع في جانب كثرة الأفلاك ، وأنه لا يمتنع كون الثوابت على أفلاك شتى متفقة الحركات ، وأنهم إنما بنوا الكلام على عدم إثبات الفضل المستغنى عنه ، فلا جهة للاعتراض بأنه لم لا يجوز أن يكون كل من الثوابت على فلك ، وأن يكون بعضها تحت السيارات ؛ أو فيما بينها.
[قال (وأفلاكها الكلية ممثلات)
لكون مناطقها على منطقة البروج].
يعني أن الفلك الكلي لكل من السبعة السيارة يسمى ممثل ذلك الكوكب بمعنى كونه ممثلا لفلك البروج ، أي موافقا له بالمركز والمنطقة والقطبين.
__________________
(١) في (ب) يكشف بدلا من (يكسف)