الفرض أيضا ليس بلازم ، بل مجرد إمكانه كاف ، فمن المجردات يستحيل فرض الأبعاد بمعنى أن اتصافها بها من المحالات (١) التي لا يمكن فرضها. والظاهر أنه يكفي ذكر الإمكان أو القابلية ، ولا حاجة إلى اعتبار الفرض. وذكروا أن المراد بهذا الإمكان هو الإمكان العام ليشمل ما تكون الأبعاد فيه حاصلة بالفعل لازمة كما في الأفلاك أو غير لازمة كما في العنصريات ، وما يكون بالقوة المحضة كما في الكرة المصمتة فكلامهم يمثل تارة إلى أن المراد بالأبعاد تلك الامتدادات الآخذة في الجهات على ما هو حقيقة الجسم التعليمي. أعني الكمية القائمة بالجسم السارية فيه المحصورة بين السطوح حتى أن بين السطوح الستة للجسم المربع جوهرا هو الجسم الطبيعي ، وعرضا ساريا فيه هو الجسم التعليمي له أبعاد ثلاثة هي أجزاؤه لا بمعنى الخطوط إذ لو كانت فيه بالفعل لكانت في كل جسم بالفعل (وهذا غير الامتداد الذي هو الصورة الجسمية الحاصلة في كل جسم بالفعل) (٢) بحيث لا يلحقه التبدل والتغير أصلا ، وتارة إلى أنها الخطوط التي لا توجد في الكرة الساكنة إلا بالقوة المحضة بخلاف المتحرك كالفلك. فإن المحور عندهم (٣) خط بالفعل ، وتارة إلى أنها السطوح والخطوط التي هي النهايات حيث نفوها عن الجسم الغير المتناهي ، ولا خفاء في أنها ليست هي التي تتقاطع على زوايا قائمة ، وإلا ظهر أن المراد بها الخطوط المتوهمة المتقاطعة التي هي الطول والعرض والعمق ، وهي ليست بالفعل لا في الطبيعي ولا في التعليمي والانفصال الذي هو أيضا بالقوة ليس مقابلا له ليلزم كون الجسم ليس بمتصل بالفعل ، ولا منفصل بالفعل ، بل للاتصال الذي هو حاصل بالفعل. وفرق ابن سينا (٤) بين البعد والمقدار بأن البعد هو الذي
__________________
(١) في (ب) المحاكات بدلا من (المحالات) وهو تحريف.
(٢) ما بين القوسين سقط من (ب).
(٣) سقط من (ب) كلمة (عندهم).
(٤) هو الحسين بن علي بن سينا أبو علي شرف الملك الفيلسوف الرئيس ، صاحب التصانيف في الطب والمنطق والرياضيات والالهيات أصله من بلخ وولد في احدى قرى بخاري عام ٣٧٠ ه نشأ وتعلم في بخاري ، وطاف البلاد وناظر العلماء واتسعت شهرته وتقلد الوزارة في همذان وثار عليه عسكرها ونهبوا بيته فتوارى ثم صار الى اصفهان وصنف بها أكثر كتبه وعاد في أواخر أيامه الى همذان فمرض بالطريق ومات بها عام ٤٢٨ ه قال ابن الجوزية (ان ابن ـ