الآثار سببا في عالم العناصر بحسب ما يحدث لها من الحركات والأوضاع ، ولما ذهبوا إلى أن الفلك بسيط ليس فيه اختلاف أجزاء أصلا ، أورد عليهم تعين بعض الأجزاء لكونه منطقة ، وبعضها لكونه قطبا ، وبعضها لكونه محلا لارتكاز الكواكب أو التدوير فيه إلى غير ذلك من الاختلافات اللازمة على أصولهم.
فأجيب : بأن تشابه الأسباب القابلية ، لا ينافي اختلاف الآثار لجواز أن يكون عائدا إلى الأسباب الفاعلية ، وفيه نظر. لأن الفاعل إن كان موجبا كما هو (١) مذهبهم ، فنسبته إلى الكل على السواء ، فلا يأتي هذا الاختلاف.
وإن كان مختارا كما هو الحق (٢) ، فقد سقط جميع ما بنوا من أصول علم الهيئة على نفي الفاعل المختار ، إذ يجوز أن يكون اختلاف الحركات والأوضاع المشاهدة مستندا إلى مشيئة القادر المختار (٣) ، فلا يثبت ما أثبتوا من الحركات والأفلاك. ثم عليهم اعتراض آخر ، وهو أنهم جعلوا هذه الحركات المخصوصة على النظام المخصوص مع لزومها أزلا وأبدا (٤) من قبيل الحركات الإرادية واقعة بإرادات جزئية من النفوس الفلكية على ما سيأتي ، مع أنا قاطعون بأن الحركة الإرادية يجوز أن تختلف أو تنقطع (٥) بمقتضى الإرادة ، ولا يلزم أن تستمر على وتيرة واحدة.
[قال (القسم الثاني في البسائط العنصرية)
المبحث الأول
وفيه مباحث :
المبحث الأول : لما وجدوا الأجسام العنصرية لا تخلو عن حرارة وبرودة ، ورطوبة ويبوسة ، من غير اقتصار على واحد أو اجتماع لثلاثة ، ذهبوا (٦) إلى أن العناصر أربعة بحسب الازدواجات الممكنة حار يابس هو (النار وحار رطب هو
__________________
(١) في (ب) كان بدلا من (كما)
(٢) سقط من (ب) جملة (كما هو الحق)
(٣) سقط من (أ) لفظ (المختار)
(٤) سقط من (ب) لفظ (وأبدا)
(٥) سقط من (ب) لفظ (أو تنقطع)
(٦) في (أ) قرروا بدلا من (ذهبوا)