المبحث الثالث
في النار وعوامل توهجها
[قال (المبحث الثالث)
النار طبقة واحدة (١) شديدة القوة على الإحالة صحيحة الاستدارة بسطحها إلا عند من يجعلها هواء يتسخن بحركة الفلك متحركة بالتبعية ، لما يشاهد من حركات الشهب ، وذوات الأذناب (٢) على نهج حركة الفلك ، ولا كذلك حال الهواء مع النار لسهولة انفصاله برطوبته ، ولعدم بقاء أجزائه على أوضاعها ، وقد يحتج بأن لكل جزء منها جزءا من الفلك بمنزلة المكان الطبيعي .. ويعترض بأن ذلك مع تشابه أجزائها ، وكذا أجزاء الفلك غير معقول ، والهواء صحيح الاستدارة محدبه ، لا مقعرة له ، أربع طبقات. الدخانية وتحتها الصرفة ثم الزمهريرية الشديدة البرودة بمجاورة الأبخرة ، ثم المتسخنة بانعكاس الأشعة ، والماء طبقة واحدة ، والأرض ثلاث طبقات ، المنكشفة للأشعة ، ثم الطينية ، ثم الصرفة].
لما كانت النار شديدة الإحالة (٣) لما جاورها إلى جوهرها لقوة كيفية الحرارة النارية وشدتها ، كانت لها طبقة واحدة ، وهي صحيحة الاستدارة بمحدبها (٤) ومقعرها ، لبقائها على مقتضى طبعها إلا عند من يجعل النار عبارة عن هواء مسخن بحركة الفلك ، فلا محالة ترقى في الموضع القريب من القطب لبطء الحركة ، وتغلظ فيما يلي المنطقة لسرعتها ، فلا يكون مقعر النار صحيح الاستدارة ، ثم لا
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (واحدة)
(٢) المذنب : في الفلك اجرام سحابية الشكل ، تدور حول الشمس ، لها رأس سديمي المنظر ، به نواة أو أكثر وقد يمتد منه ذيل يربو أحيانا على ١٠٠ مليون ميل ويتكون من صخور أو حبيبات رملية ، يتخللها مواد غازية ، كان المعتقد انها تأتي من خارج المجموعة الشمسية ، ولكن الرأي الحديث يتبعها للمجموعة الشمسية. (راجع الموسوعة الثقافية ص ٩١٤)
(٣) في (ب) الاحاطة بدلا من (الاحالة)
(٤) الحدب : ما ارتفع من الأرض (والحدبة) بفتح الدال أيضا التي في الظهر وقد (حدب) ظهره من باب طرب فهو (حدب) واحدودب مثله وأحدبه الله فهو (أحدب) بين الحدب.