يخفى أن حركة المحيط لا توجب حركة المحاط عند اتحاد المركز ، لكن قد يتحرك بتبعيته لأسباب خارجية. وقد استدلوا بما يشاهد من حركات الشهب ، وذوات الأذناب على نهج حركة الفلك ، أن كرة النار تتحرك بحركة الفلك ، وأنما لم يتحرك الهواء تبعا للنار ، لأنه لرطوبته ، وعدم بقاء أجزائه على أوضاعها ينفصل بسهولة. فلا يلزم جرم (١) المحيط به. وقيل : إن كل جزء يفرض من النار له جزء معين من الفلك كالمكان الطبيعي له ، وهو ملازم له ، ملاصق به طبعا فيتبعه في الحركة.
وردّ بأن الفلك متشابه الأجزاء ، وكذا النار الملاقية لكونها بسيطة ، فيكون حال كل جزء من النار ، مع كل جزء من الفلك كحاله مع سائر الأجزاء ، فلا يكون (٢) البعض منها طالبا للبعض منه بالطبع ، وأما الهواء فمحدبه صحيح الاستدارة على الرأي الأصح لملاصقته مقعر النار ، لا مقعره لما يرى من أمر المياه والجبال والوهاد ، وله أربع طبقات. إحداها الدخانية المجاورة للنار يخالطها أجزاء من النار ، ويتصاعد إليها أجزاء من الدخان فتكون مركبة من الأرضية والهوائية والنارية ، وتحتها الصرفة التي يجاورها الدخان ، ولم يرتفع إليها البخار. وذلك لأن الدخان لمخالطته الأجزاء النارية ، وتصعده من اليابس (٣) من حيث أنه يابس ، يكون أخف حركة ، وأشد نفوذا ، وتحتها الطبقة الزمهريرية الباردة جدا لمخالطة الأبخرة الصاعدة إليها ، وانقطاع أثر (٤) انعكاس الأشعة الحاصلة من أنوار الكواكب ، وتحتها الطبقة المجاورة للأرض المتسخنة بانعكاس الأنوار من مطرح الشعاع. وأما الماء فطبقة واحدة(٥) هي البحر المحيط بالأرض ، ولم يبق على صرافتها لنفوذ آثار الأشعة ، ومخالطة الأجزاء الأرضية ، وإنما اختلفت بالعذوبة ، والملوحة ، والصفاء ، والكدورة ، لاختلاف مخالطة الأجزاء الأرضية قلة وكثرة ، وأما الأرض فثلاث طبقات. إحداها الغبرية (٦) التي انكشفت بعضها عن الماء ،
__________________
(١) سبق الحديث عنه في هذا الجزء
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (يكون)
(٣) سقط من (ب) لفظ (اليابس)
(٤) سقط من (ب) لفظ (أثر)
(٥) سقط من (أ) لفظ (واحدة)
(٦) في (ب) التربة بدلا من (الغبرية)