[قال (النوع الثاني ما يحدث على الأرض)
مثل الأحجار والجبال ، والسبب قد يصادف الحر العظيم طبعا كثير الرخاء ، فينعقد حجرا وتحفر الرياح والمياه أجزاءه الرخوة! فتبقى الصلبة مرتفعة هي الجبال ، وقد يتكون من تراكم عمارات تخربت ومن غير ذلك ، ثم لصلابتها تبقى فيها الأبخرة ، ولقلة تسخنها بانعكاس الشعاع تبقى عليها الثلوج والأنداء (١) ، فتكون المعادن والسحب والعيون.
مثل الأحجار والجبال والسبب الأكثر لتحجر الأرض ، عمل الحرارة في الطين اللزج (٢) ، بحيث يستحكم انعقاد رطبه بيابسه ، وقد ينعقد الماء السيال (٣) حجرا ، إما لقوة معدنية محجرة أو لأرضية غالبة على ذلك الماء بالقوة لا بالمقدار كما في الملح ، فإذا صادف الحر العظيم طينا كثيرا لزجا إما دفعة وإما على مرور الأيام يتكون الحجر العظيم ، فإذا ارتفع بأن تجعل الزلزلة العظيمة طائفة من الأرض تلّا من التلال ، ثم تحجر أو بأن يكون الطين المتحجر مختلف الأجزاء في الصلابة والرخاوة ، فتحفر أجزاؤه الرخوة بالمياه والرياح ، وتغور تلك الحفر بالتدريج غورا شديدا ، وتبقى الصلبة مرتفعة ، أو بغير ذلك من الأسباب فهو الجبل ، أو يحصل من تراكم عمارات تخربت ، وقد يرى بعض الجبال منضودة سافا فسافا كأنها سافات الجدار ، فيشبه أن يكون حدوث مادة الفوقاني بعد تحجر التحتاني ، وقد سال على كل ساف من خلاف جوهره ما صار حائلا بينه وبين الآخر ، وقد يوجد في كثير من الأحجار عند كسرها أجزاء الحيوانات المائية ، فيشبه أن هذه المعمورات قد كانت في سالف الدهر ، مغمورة في البحر ، فحصل الطين اللزج الكثير ، وتحجر بعد الانكشاف. فلذلك كثر الجبال ، ويكون الحفر ما بينها بأسباب تقتضيه كالسيول والرياح ، ومن منافع الجبال (٤) حفظ الأبخرة التي هي مادة المعادن
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (الأنداء).
(٢) سقط من (أ) لفظ (اللزج).
(٣) في (أ) بزيادة لفظ (السيال).
(٤) الجبال ورد ذكرها في القرآن على معان كثيرة.
الأول : جبال الموج للسلامة في حق نوح والهلكة في حق المشركين من قوله قال تعالى : «وهي تجري ـ