وترجع إذا رجعوا ، وربما تستقبلهم فرقة أخرى معهم سحابة تكفيهم وريح إلى خلاف جهة هذه الريح ، وإنكار هذا عندهم من قبيل إنكار المحسوسات ، وأما حديث النبات الذي ينفتح به القيد من الحديد على قوائم الفرس عند إصابته فمشهور. ولعمري إن النصوص الواردة في استناد أمثال هذه الآثار إلى القادر المختار قاطعة ، وطرق الهدى إلى ذلك واضحة ، لكن من لم يجعل الله له نورا. فما له من نور.
[قال (القسم الرابع)
في المركبات التي لها مزاج : وفيه مقدمة ومباحث.
أما المقدمة ففي المزاج (١) إذا اجتمعت العناصر المتصغرة الأجزاء جدا ، فتفاعلت بقواها ، فانكسرت سورة كل من الكيفيات الأربع ، حدثت كيفية متوسطة متشابهة في الكل هي المزاج ، واعتبر تصغر الأجزاء ، لأن تأثير الجسم وإن أمكن بدون المماسة ، إلا أنه في الامتزاج بالمماسة ، وهي تتكثر بتكثر السطوح التابع لتكثر الأجزاء ، والمراد بالعناصر أربعتها ، إذ لا مزاج عن البعض عند الجمهور ، فلا بد من الكون والفساد ليحصل النار ، وبالقوى الكيفيات عند الأطباء ، والصور النوعية عند الفلاسفة حيث أثبتوها ، وجعلوا الكيفيات واسطة في فعلها ، لا فاعلة. لأن تفاعل الكيفيتين إن كان معا كان الشيء مغلوبا عن شيء غالبا عليه ، وإن كان على التعاقب كان المغلوب عن الشيء غالبا عليه ، وبالعكس ، وأرود مثله (٢) على توسط الكيفية.
فإن أجيب. بأن المراد أن هذه معدات ، والمؤثر أمر مفارق موجبا كان (٣) ليكون
__________________
(١) المزاج : هو ما أسس عليه البدن من الطبائع وهي الاختلافات التي توجد بين أفراد الناس ناشئة عن استيلاء مجموع من المجاميع أو جهاز من الأجهزة وغلبته على غيره في البنية.
فإن استولت مثلا أعضاء الدورة على غيرها وتسبب عن استيلائها كثرة الدم سمي المزاج دمويا ، وإن استولت الأعصاب سمي عصبيا وإن استولت الصفراء سمي صفراويا وإن استولت اللمفا سمي لمفاويا.
(٢) في (ب) وأورده بدلا من (وأورد مثله)
(٣) سقط من (ب) لفظ (كان)