الاعتداد للزوم أو مختارا ليكون لمجرى العادة ، أو بأن المنكسر ، سورة الكيفية ، وهو يحصل بنفس الكيفية المضادة ، كما في امتزاج الماء الشديد (١) الحرارة بماء بارد ، بل فاتر ، بل أقل حرارة.
أجيب بمثله في جانب الآخر مع القطع بحدوث الكيفية المتوسطة حيث لا صورة تقتضي انكسار سورة البرودة كما في امتزاج الماء الحار بالبارد ، وإن التزم بأن ذلك ليس بالفعل ، والانفعال ، بل بزوال الكيفيتين. وحدوث المتوسطة بسبب مفارق ألزم مثله في المزاج ، وإن جعل التكاسر السورة النارية ، التي أحدثت الحرارة في الماء ظهر أن ليس يلزم كون الفاعل صور البسائط الممتزجة ، والأشبه بأصولهم أنه صورة المائية بتوسط الحرارة العارضة ، فإن صورة كل من العناصر تفعل في مادتها بالذات ، وفي غيرها بتوسط الكيفية ، ذاتية كانت أو عرضية ، فعلية أو انفعالية ، ومادته تنفعل كذلك (٢) ، ولهذا لا يلزمهم ما يلزم القائلين بتفاعل الكيفيات أنفسها (٣) من انفعال الفعلية ، وفعل الانفعالية.
فإن قيل : نحن نعلم قطعا أن المنكسر عند الامتزاج هو مرارة النار وبرودة الماء مثلا قلنا : نعم بمعنى أنها تنعدم وتحدث المتوسطة ، وأما الذي يتأثر ويتغير من كيفية إلى كيفية ، فهو المادة (٤) لا غير ، وكما لا يمتنع انفعالها في الكيفية الفعلية لا يمتنع فعل الصورة بالكيفية الانفعالية للقطع بأن صورة الماء مثلا ، إنما تكسر يبوسة النار برطوبته لا ببرودته.
__________________
(١) في (ب) الحار بدلا من (الشديد الحرارة)
(٢) سقط من (ب) لفظ (كذلك)
(٣) في (ب) كلها بدلا من (أنفسها)
(٤) المادة : لا يزال العلماء عاجزين عن معرفة كنه المادة التي تتركب منها الأشياء المحسوسة في الكون أرتأي (ديموكريت) الفيلسوف اليوناني القديم أن الأجسام مكونة من ذرات صغيره جدا لا تقبل الانقسام وزعم أنها متأثرة بقوتين قوة تجذب بعضها إلى بعض ، وقوة تميل لتنفير بعضها عن بعض فإن كان الجسم صلبا كانت قوة الجذب في ذراته تفوق قوة الدفع فتماسك وإن كان الجسم سائلا تعادلت القوتان ولذلك يمور السائل ولا يتماسك ويأخذ شكل الأواني التي يوضع فيها ، وإن كان الجسم غازيا كان قوة الدفع فيه اكبر من قوة الجذب ولذلك تميل الغازات للانتشار والامتداد ، وقد أخذ العلماء بهذا المذهب وقبلوه مئات السنين ولكن بعد أن هذبوه وقوموه على حسب الحاجة في تعليل ظواهر الطبيعة