قلنا : فليكن الأمر في المزاج أيضا (١) كذلك. فأنه لا معنى لاشتداد الكيفية وضعفها إلا بطلان كيفية ، وحدوث أخرى أشد منها أو أضعف بحسب اختلاف (٢) الاستعداد ، وإنما النزاع في الفاعل ، وإن زعموا أن الكاسر لسورة برودة الماء هو الصورة النارية التي أحدثت الحرارة في الماء الحار.
قلنا : فقد ظهر أنه ليس بلازم أن يكون الكاسر للكيفية صورة بسيط هو أحد أجزاء المركب. فبطل قولكم في المزاج ، بأن انكسار الكيفيات ، إنما هو بصور عناصر الممتزج ، ثم الأشبه أن يقال : الكاسر لسورة برودة الماء البارد المختلط بالماء الحار هو الصورة المائية بتوسط الحرارة العارضة. لأن من قواعدهم أن صورة كل عنصر تفعل في مادته بالذات ، وفي مجاوره بواسطة الكيفية ذاتية كانت كبرودة الماء ، أو عرضية كحرارته فعلية كالحرارة والبرودة (٣) ، أو انفعالية كالرطوبة واليبوسة ، ومادة كل عنصر تنفعل بالذات عن صورته ، وتكيّفه الذاتية أو العرضية الفعلية والانفعالية عن مجاورة ، وعلى هذا لا يرد على القائلين بكون الفاعل هو الصورة ما يرد على القائلين بكونه هو الكيفية من لزوم انفعال الكيفية الفعلية ، فيما إذا كان الكسر والانكسار بين الفعليتين ، أعني الحرارة (٤) والبرودة ، ولزوم فعلية الكيفية الانفعالية ، فيما إذا كان الكسر والانكسار بين الانفعاليين. أعني الرطوبة واليبوسة فإن قيل : إن كان في الفاعلية خفاء ، فلا خفاء في أن المنفعل عند الامتزاج هو الكيفيات كحرارة النار وبرودة الماء ، وكذا البواقي (٥).
قلنا : نعم بمعنى أنها تزول ، وتحدث الكيفية المتوسطة ، وأما الذي يتأثر ويتغير من حال إلى حال ، فهو المادة لا غير ، وكما لا يمتنع انفعالها في الكيفية الفعلية كالحرارة والبرودة لا يمتنع فعل الصورة بالكيفية الانفعالية كالرطوبة واليبوسة ، للقطع بأن صورة الماء مثلا إنما تكسر يبوسة (٦) النار برطوبته لا ببرودته ،
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (أيضا)
(٢) سقط من (ب) لفظ (اختلاف)
(٣) سقط من (أ) جملة (كالحرارة والبرودة)
(٤) سقط من (أ) جملة (الحرارة والبرودة)
(٥) سقط من (ب) جملة (وكذا البواقي)
(٦) في (ب) سورة بدلا من (يبوسة)