أقوال العلماء في قابلية الجسم البسيط
للانقسام
(المبحث الثاني)
[الجسم البسيط قابل للانقسام ، فإما أن تكون الانقسامات بالفعل متناهية وهو مذهب المتكلمين ، أو غير متناهية وإليه ميل (١) النظام (٢) ، وإما أن تكون بالقوة فقط متناهية ، ونسب إلى الشهرستاني (٣) ، أو غير متناهية ، وهو رأى جمهور الفلاسفة ، وإما أن يكون بعضها بالفعل ، وبعضها بالقوة ، وهو ما ذهب إليه ديمقراطيس من أن أجزاء البسيط أجسام صغار صلبة قابلة للقسمة الوهمية دون الفلكية ، ثم اختلفت الفلاسفة فذهب المشّاءون منهم إلى أن الجسم يفتقر في قبول القسمة إلى مادة يتألف الجسم منها ومن الصورة الحالة ، وغيرهم إلى أنه يقبل الانقسام بنفسه ، فهو في نفسه بسيط كما هو عند الحس ، وأما ما نسب إلى البعض من تألف
__________________
(١) في (أ) قيل بدلا من (ميل) وهو تحريف
(٢) هو ابراهيم بن سيار بن هانئ البصري أبو اسحاق النظام من أئمة المعتزلة. قال الجاحظ «الأوائل يقولون في كل ألف سنة رجل لا نظير له فإن صح ذلك فأبو اسحاق من أولئك.» تبحر في علوم الفلسفة واطلع على أكثر ما كتبه رجالها من طبيعيين وإلهيين ، وانفرد بآراء خاصة تابعته فيها فرقة من المعتزلة سميت النظامية نسبة إليه. في لسان الميزان أنه متهم بالزندقة وكان شاعرا أديبا بليغا توفي عام ٢٣١ ه. راجع تاريخ بغداد ٦ : ٩٧ ، وأمالي المرتضى ١ : ١٣٢
(٣) هو محمد بن عبد الكريم أحمد ، أبو الفتح الشهرستاني. من فلاسفة الاسلام كان إماما في علم الكلام وأديان الأمم ومذاهب الفلاسفة ، يلقب بالأفضل ولد في شهرستان عام ٤٧٩ ه وانتقل إلى بغداد سنة ٥١٠ ه فأقام ثلاث سنين وعاد إلى بلده وتوفي بها عام ٥٤٨ ه قال ياقوت في وصفه «الفيلسوف المتكلم ، صاحب التصانيف ، كان وافر العلم ، كامل العقل ولو لا تخبطه في الاعتقاد ومبالغته في نصرة مذاهب الفلاسفة والذب عنهم لكان هو الإمام.» راجع آداب اللغة ٣ : ٩٩ ولسان الميزان ٥ : ٢٦٣