الحاصل من امتزاج الزئبق والكبريت ، إن جعلناه حادثا من انكسار الكيفيات بصور البسائط العنصرية المحفوظة في الممتزج على ما يظهر بالقرع والأنبيق ، فإنا إذا وضعنا فيه قطعة من اللحم مثلا تميزت إلى جسم مائي قاطر ، وأرضى متكلس. وأما إذا جعلنا حدوثه بواسطة الصور النوعية للمركبات ، بأن تعد الكيفية المزاجية الأجزاء الممتزجة لفيضان صورة نوعية عليها غير صور العناصر ، ثم تتفاعل الممتزجات المختلفة بواسطة صورها وكيفياتها ، فتحدث كيفية متوسطة متشابهة في الشكل (١) كما في الذهب بواسطة الصورة الزئبقية والكبريتية ، فلا يدخل في التعريف ، لأنها لم تحدث من تفاعل العناصر بقواها أي صورها أو كيفياتها.
[قال (فالمزاج نوع آخر)
من الكيفيات الملموسة حاصلة في كل جزء حتى البسائط ، وهي على صورها دون كيفياتها. وقيل وكيفياتها. وإنما تحس بالمتوسطة للامتزاج. وقيل : بل زالت صورها إلى صورة متوسطة بينها. وقيل : بل صورة أخرى من النوعيات].
قد علم مما سبق أن المزاج كيفية ملموسة مغايرة بالنوع ، لما في العناصر من الكيفيات الصرفة حاصلة في كل جزء من أجزاء الممتزج حتى الأجزاء البسيطة العنصرية ، وهي باقية على صورها النوعية ، وإنما استحالت من كيفياتها الصرفة ، إلى الكيفية المتوسطة ، وهذا رأي جمهور المشائين (٢).
فإن قيل : لو كانت صور العناصر باقية ، والصورة الحادثة بعد المزاج سارية في جميع أجزاء الممتزج ، لزم أن تكون النار مثلا مع الصورة النارية ، متصفة بالصورة الذهبية ، وحينئذ جاز أن (٣) تكون المواليد من عنصر واحد.
قلنا : يجوز أن تكون الصورة الحادثة إنما تسري في (٤) الأجزاء المركبة دون
__________________
(١) في (ب) الكل بدلا من (الشكل)
(٢) المشاءون أتباع أرسطو وتلاميذه ، أطلق عليهم الاسم لانهم كانوا يمشون في ممرات ملعب اللوقيون الذي اتخذه أرسطو مدرسة ، أشهرهم قاوفراسطوس ، واستراتون.
(٣) سقط من (أ) حرف (أن)
(٤) في (ب) تجري بدلا من (تسري)