برودة ما هو بارد منها كالدماغ ، ويبوسة ما هو يابس منها كالعظم تعادل رطوبة ما هو رطب منها كالكبد ، بحيث إذا نسب جميع ما في البدن من الحرارة إلى جميع ما فيه من البرودة كان قريبا (١) من التساوي ، وكذا الرطوبة مع اليبوسة.
وبالجملة يكون الحاصل من المجموع قريبا من الاعتدال الحقيقي. ثم لا خفاء في أنه ليس هاهنا. أعني في مزاج جملة البدن المعبر بالمزاج الشخصي ، اختلاط أجزاء (٢) الأعضاء ، وتصغرها وتمارسها ، وكأنه مجرد وضع ، وإضافة للبعض إلى البعض ، أو كيفيات تحصل لجميع الأعضاء من جهة تأثر بعضها من البعض بمجرد المجاورة من غير امتزاج واختلاط للأجزاء.
[قال (والخارج عن هذا الاعتدال)
أيضا ينحصر في ثمانية. على قياس الحقيقي.
واعترض بأن الخروج بالمتضادين (٣) ممكن هاهنا بأن يزيدا أو ينقصا من القدر اللائق فيجوز الخروج بكيفية أو كيفيتين أو ثلاث أو أربع بحسب الزيادة والنقصان جمعا وإفرادا يصير ثمانين.
وأجيب : بأن معنى توفر القسط اللائق أن يكون بين الفاعلتين نسبة تليق بالممتزج ، وكذا بين المنفعلتين ، فما دامت النسبة محفوظة ، فالاعتدال بحاله سواء زادت المقادير أو انتقصت كما إذا كان اللائق عشرة أجزاء من الحرارة ، وخمسة من البرودة ، فصارت الحرارة اثنى عشر أو ثمانية ، والبرودة ستة أو أربعة ، وإن صارت البرودة ستة ، والحرارة أحد عشر ، فهو أبرد مما ينبغي لا أحر ، أو ثلاثة عشر فأحر لا
__________________
(١) في (ب) كان متساويا بدلا من (قريبا من التساوي)
(٢) في (أ) جزئيات بدلا من (أجزاء)
(٣) التضاد : هو التباين والتقابل التام ، وضد الشيء خلافه ، فالسواد ضد البياض ، والموت ضد الحياة ، والليل ضد النهار ، إذا جاء ذهب ذاك ، لذلك قيل إن الضدين لا يجتمعان في شيء واحد من جهة واحدة لكن يرتفعان ، أما النقيضان فلا يجتمعان ولا يرتفعان ومن شرط الضدين أن يكونا من جنس واحد كالبياض والسواد فإنهما يجتمعان في اللونية ، وإذا كان النوعان المتعادلان لا يختلفان إلا في صفة واحدة موجودة في أحدهما معدومة في الاخر كان التضاد بينهما تاما كاللونين المتكاملين فإنه كلما كان أحدهما إلى أخيه أقرب كان التضاد بينهما أعظم ـ