[قال (المبحث الثاني)
اشتمل النبات على زيادة اعتدال ، شارك الحيوان فيما يجري مجرى بعض الأعضاء ، وفي قوى بها تحفظ الأشخاص ، وتتم كمالاتها المقدارية ، ويحصل الأمثال التي بها بقاء النوع ويسمى قوى طبيعية].
بعد الفراغ من المعادن شرع في النبات ، ترقيا إلى الأكمل فالأكمل ، والأعدل فالأعدل. ولاختصاص النبات بزيادة اعتدال لا يوجد في المعدني ، وتقارب ما يوجد في الحيوان ، صار له شبه بالحيوان ، في بعض الأعضاء والقوى. ذلك أن له مواضع تقوم مقام الرحم والذكر (١) ، كعقد الأغصان والزرع ، وفي البذور مواضع متميزة منها تتوالد الأغصان ، وله عروق بها يتغذى (٢) ، ولحاء به يستحفظ ، وأجزاء كمالية بمنزلة الشعر والظفر ، كالورق والزهر وله فضول تدر كالصموغ والألبان ، وله قوى لحفظ الشخص كالغاذية وخوادمها ، ولتكميل المقدار كالنامية ، ولتحصيل المثل إبقاء للنوع كالمولدة.
__________________
(١) قال تعالى : (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ.) سورة الحجر آية رقم ٢٢. أي تلقح السحاب فتدر ماء وتلقح الشجر فتفتح عن أوراقها وأكمامها وذكرها بصيغة الجمع ليكون منها الإنتاج.
(٢) تمتاز النباتات عن الحيوانات في أنها ذاتية التغذية ، إذ تقوم بصنع غذائها من مواد بسيطة تحصل عليها من البيئة المحيطة بها فهي تحصل على ثاني اكسيد الكربون من الهواء في حين تحصل على الماء والأملاح المعدنية من التربة ولما كان صنع الغذاء يتم بشكل أساسي في الورقة كان لا بد من وجود أعضاء تقوم بامتصاص الماء والأملاح من التربة أولا ثم نقلها إلى الورقة وهناك أعضاء تقوم بنقل الغذاء من الورقة إلى باقي أجزاء النبات ، وتتم عملية النقل في النبات بواسطة أجهزة متخصصة تعرف بالأوعية الموصلة وهي تنتظم في مجموعات تعرف بالحزم الوعائية ، وتمتد الحزم الوعائية في جميع أعضاء النبات من جذور وسيقان