واعترض (١) بأنها حينئذ لا تكون على مزاج العضو لما فيها من زيادة مائية لا بدّ من(٢) تحللها. وردّ بأنه يجوز أن تكون الاستحالة إلى قوام العضو لا بتحلل المائية ، بل بمجرد الانعقاد ، كاللحم يتولد من منتن الدم ، ويعقده الحر ، والشحم من مائيته ودسميته ، ويعقده البرد.
[قال (والشاكلة المعتبرة بين الغذاء والمغتذى)
في حفظ الصحة ، هي التي تكون حال ما يصير جزءا من العضو ، إذ هو الغذاء بالفعل ، وأما قبله فبالقوة على الاختلاف (٣) في القرب والبعد].
فيه إشارة إلى أمرين : أحدهما : أن الغذاء قد يطلق على ما هو بالفعل. أعني الجسم الذي ورد على البدن ، واستحال إلى الصورة العضوية ، وصارت جزءا منه شبيها به ، لكن لم يحصل له القوام التام الذي للعضو للقطع ، بأنه لا يقال للأجزاء الكاملة من العضو ، أنها غذاء له ، وقد يطلق على ما هو بالقوة البعيدة ، أعني الجسم الذي من شأنه ، إذا ورد على البدن ، وانفعل عن حرارته أن يستحيل إلى الغذاء بالفعل كالخبز واللحم أو القريبة. أعني الجسم المعد في البدن لأن يصير غذاء بالفعل كالأخلاط ، وبعض الرطوبات الثانية (٤) ، أعني التي تستحيل إليها الأخلاط ، وهل تطلق على الكيلوس منعه بعضهم. وثانيهما : أن المراد بالشاكلة في قولهم حفظ الصحة ، تكون بالمشاكل ، كما أن علاج المريض يكون بالمضاد ، موافقة مزاج الغذاء ، حين ما هو غذاء بالفعل لمزاج المغتذى ، حتى أن غذاء صاحب المزاج الحار ينبغي أن يكون باردا ، بحيث إذا تصرف فيه طبيعته ، فصار غذاء بالفعل ، استحال عن البرد ، وصار حارا مشاكلا لجوهر بدنه ، لا أن يكون حارا مثل مزاجه ، وإلا لصار عند الهضم أحر مما ينبغي ، وأسقمه ، وربما صار من
__________________
(١) في (ب) واعترف بدلا من (واعترض)
(٢) سقط من (أ) حرف (من)
(٣) في (ب) التباين بدلا من (الاختلاف)
(٤) سقط من (ب) لفظ (الثانية)