قوله وقد يقال : إشارة إلى ما ذكره الإمام من أن فعل النامية إيراد الغذاء إلى العضو ، وتشبيهه به ، وإلصاقه كالغازية ، إلا أن الغازية تفعل هذه الأفعال ، بحيث يكون الوارد مساويا للمتحلل ، والنامية تفعل أزيد من المتحلل (١). ولا شك أن القادر على الشيء ، قادر على مثله ، والجزء الزائد مشابه للأصل ، فإذا قويت الغاذية على تحصيل الأصل ، قويت على تحصيل الزائد ، وتكون هي النامية ، إلا أنها في الابتداء تكون قوية على إيراد بدل الأصل والزائد معا ، لشدة القوة على الفعل ، وكثرة المادة. أعني الرطوبة (٢) وقلة الحاجة بواسطة صغر العضو ، وبعد ذلك يعود الأمر إلى النقصان لضعف في القوة ، وقلة في المادة ، وعظم في العضو.
واعترض بأن التغذية والتنمية فعلان مختلفان ، فلا يستندان إلى مبدأ واحد ، حتى أن أمر التغذية ، لما كان بإيراد البدل والشبيه والإلصاق أسندوه إلى قوى ثلاث ، وهذا ما قال في الشفاء (٣). إن شأن الغازية أن تؤتى (٤) كل عضو من الغذاء بقدر عظمه وصغره ، وتلصق به من الغذاء بمقداره الذي له على السواء. وأما النامية فتسلب جانبا من البدن من الغذاء ما يحتاج إليه لزيادة في جهة أخرى ، فتلصقه بتلك الجهة لتزيد تلك الجهة فوق زيادة جهة أخرى. بيان ذلك : أن الغاذية إذا انفردت وقوي فعلها ، وكان ما تورده أكثر مما يتحلل ، فإنها تزيد في عرض الأعضاء وعمقها (٥) زيادة ظاهرة بالتسمين ، ولا تزيد في الطول زيادة يعتد بها ، والنامية تزيد في الطول أكثر كثيرا مما تزيد في العرض.
[قال (ولهذا لما أدى الضعف)
وقلة الرطوبة إلى العجز عن إيراد البدن حل الأجل.
__________________
(١) في (ب) المتخلل بدلا من (المتحلل)
(٢) سقط من (ب) جملة (أعني الرطوبة)
(٣) كتاب الشفاء لابن سينا وقد قام بنشره وتحقيقه مجموعة من الكتاب والمفكرين (الهيئة المصرية للكتاب)
(٤) في (ب) قوى بدلا من (تؤتي)
(٥) في (ب) وعقمها بدلا من (عمقها)