الرحم بحسب استعدادات يكتسبها هناك إلى أن يصير مستعدا لقبول نفس أكمل ، يصدر عنها مع حفظ المادة ، الأفعال النباتية فتجذب (١) الغذاء ، ويضيفها إلى تلك المادة فيتمها ، وتتكامل المادة بترتيبها إياها ، فتصير تلك الصورة مصدرا مع ما كان يصدر عنها بهذه الأفاعيل.
وهكذا إلى أن تصير مستعدة لقبول نفس أكمل يصدر عنها ، مع جميع ما تقدم الأفعال الحيوانية أيضا ، فيصدر عنها تلك الأفعال أيضا ، فيتم البدن ويتكامل إلى أن يصير مستعدا لقبول نفس ناطقة يصدر عنها ، مع جميع ما تقدم النطق ، وتبقى مدبرة في البدن إلى أن يحل الأجل. وقد شبهوا تلك القوى في أحوالها من مبدأ حدوثها إلى استكمالها نفسا مجردة بحرارة تحدث في فحم من نار مشتعلة مجاورة ، ثم تشتد ، فإن الفحم بتلك الحرارة يستعد لأن يتجمر ، وبالتجمر يستعد ، لأن يشتعل نارا ، شبيهة بالنار المجاورة ، فمبدأ الحرارة الجاذبة (٢) في الفحم ، كتلك الصورة الحافظة واشتدادها ، كمبدإ الأفعال النباتية وتجمرها ، كمبدإ الأفعال الحيوانية ، واشتعالها نارا كالناطقة ، وظاهر أن كل ما يتأخر يصدر عنه مثل ما صدر عن المتقدم وزيادة ، فجميع هذه القوى كشيء واحد متوجه من حد ما من النقصان إلى حد ما من الكمال ، واسم النفس واقع منها على الثلاث الأخيرة ، فهي على اختلاف مراتبها نفس البدن المولود. وتبين من ذلك أن الجامع للأجزاء الغذائية الواقعة في المنيين هو نفس الأبوين ، وهو غير حافظها ، والجامع للأجزاء المضافة إليها ، إلى أن يتم البدن ، وإلى آخر العمر ، والحافظ للمزاج هو نفس المولود.
[قال (ثم لهم تردد) :
في تعدد هذه القوى بالذات ، إذ لا يمتنع استناد تعدد الأفعال واختلافها بالقوة والضعف ، وتفاوتها بالحدوث والبقاء ، إلى اختلاف القوابل والآلات ، ثم في مغايرتها للنفس النباتية أو الحيوانية ، وفي مغايرة الغاذية (٣) للخوادم ، وفي أن مبدأ
__________________
(١) في (ب) فتحدث بدلا من (فتجذب)
(٢) في (ب) الحادثة بدلا من (الجاذبة)
(٣) سقط من (أ) لفظ (الغاذية)