المبحث الثالث
[قال (المبحث الثالث) :
اختص الحيوان لزيادة اعتداله بقوى تسمى نفسانية حيوانية هي إما مدركة أو محركة].
لا خفاء في اشتراك القوى الطبيعية بين النبات والحيوان ، وإن كان اشتراكا بمجرد المفهوم دون الحقيقة ، للقطع بأن غاذية الحيوان ، تخالف بالنوع غاذية النبات ، بل صرح ابن سينا. بأن غاذية كل عضو تخالف بالنوع غاذية عضو آخر ، ثم الحيوان يختص بقوى أخرى مدركة ومحركة ، تسمى نفسانية نسبة إلى النفس الحيوانية ، أو إلى النفس الناطقة ، لكونها في الإنسان أكمل منها في سائر الحيوانات ، وذلك لأن الحيوان لزيادة اعتداله ، قد يختص بما ينفعه ويلائمه ، وبما يضره وينافيه ، فاحتاج إلى طلب النافع ، وهرب من الضار ، وذلك بإدراكهما ، والاقتدار على الحركة إلى النافع ، وعن الضار بخلاف النبات ، فإنه ليس في ذلك الاعتدال ، ولو كان فإنه مركوز في موضعه لا يمكنه التحرك عن شيء إلى شيء فيكون قوة الإدراك والتحريك فيه ضائعا ، بل ربما يكون ضائرا. ثم إن (١) كلامهم متردد في أن القوى النفسانية جنس للمدركة والمحركة. أي بمنزلة الجنس ، وكذا في انقسام كل منهما إلى ماله من الأقسام ، بل في جميع الانقسامات الواقعة في باب القوى ، وذلك لأن معرفة الأجناس والفصول (٢) ، وتمييز الذاتيات والغرضيات عسيرة جدا في الحقائق المدركة بالعيان ، فكيف فيما لا يعرف إلا من جهة الآثار ، ولا يعقل إلا بحسب الإضافات والاعتبارات ككون الشيء مبدأ التغير في آخر.
[قال (وقد يثبت) :
قوة أخرى هي مبدأ لها تخص باسم القوة الحيوانية توجد في العضو
__________________
(١) سقط من (أ) حرف (إن)
(٢) في (ب) الفصل بدلا من (الفصول)