نفسها بواحدة ، ولا كثيرة ، ولا متصلة ، ولا منفصلة.
الثالث : أن الأقسام لو لم تكن حاصلة بالفعل متميزة بعضها عن البعض لما اختلفت خواصها ضرورة ، واللازم باطل ، لأن مقطع النصف غير مقطع الثلث ، وكذا الربع والخمس وغيرهما ، فيكون الجزء الذي هو مقطع (النصف متميزا عن الذي هو مقطع) (١) الربع وهكذا غيره. وأجيب بمنع الملازمة ، فإن اختلاف الخواص إنما حصل (٢) بعد فرض الانقسام، وذلك أن النصفية ، والثلثية ، والربعية ، وغير ذلك إضافات واعتبارات يحكم بها العقل عند اعتبار الانقسام. وكذا مقاطعهما.
فإن ادعي أن ما هو قابل لأن يكون مقطع النصف عند فرض الانقسام متميزا بالفعل عما هو قابل لأن يكون مقطع الربع مثلا ، فهو نفس المتنازع ، وحاصله (٣) أنه لا امتناع في اتصاف الأجزاء الفرضية بالصفات الحقيقية ، كالضوء والظلام في القمر ، فضلا من الاعتبارية ، لا يقال الانقسامات عندهم غير متناهية ، وهو يستلزم لا تناهي الانقسام ، وما لا نهاية له لا يتصور له نصف ، أو ثلث ، أو ربع ، أو غيرها.
لأنا نقول : إنما يمتنع ذلك فيما هو غير متناه بحسب كميته المتصلة ، أو المنفصلة ، وأما فيما متناهي المقدار لكنه قابل لانقسامات غير متناهية فلا ، وإنما يمتنع لو كانت هناك أقسام بالفعل غير متناهية بالعدد ، وليس كذلك ، إذ ليس معنى قبول الجسم لانقسامات غير متناهية ، أنه يمكن خروجها من القوة إلى الفعل ، بل إنه من شأنه وقوته أن ينقسم دائما ، ولا ينتهي انقسامه إلى حد لا يمكن انقسامه ، كما أن مقدورات الله تعالى غير متناهية ، بمعنى أن قدرته لا تنتهي إلى حد لا يكون قادرا على أزيد منه ، فليعتبر حال قابلية الجسم للانقسام إلى الأجزاء ، بحال فاعلية
__________________
ـ لتجليه واتصالها به على التفاوت (رسالة العشق) والقابل عند الصوفية : هو الأعيان الثابتة من حيث قبولها فيض الوجود من الفاعل الحق ، وتجليه الدائم الذي هو فعله.
(١) ما بين القوسين سقط من (ب)
(٢) في (ب) هو بدلا من (حصل)
(٣) في (ب) وفيه بدلا من (وحاصله)