والحكماء أوجبوا. أن يكون الحاكم على كل نوع من أنواع التضاد قوة واحدة ، تسمى بالشعور والتمييز. وأنت خبير بأن دعوى تنوع التضاد في الملموسات إن كانت من جهة ، أن تنوع المعروضات يوجب تنوع الإضافات العارضة ، فالكل سواء. وإن كانت بالنظر إلى نفس التضاد العارض ، فلا يتم بدون برهان وتفرقة ، ومن سخيف الكلام. ما قيل : أن تباين الكيفيات الأول. أعني الحرارة والبرودة ، والرطوبة واليبوسة ، أشد من تباين الكيفيات الثواني الحادثة من تفاعلها كالروائح والألوان والطعوم ، فلذلك تعددت قوى اللمس (١) ، دون باقي الحواس.
وهاهنا بحث آخر ، وهو أن المدرك بالحس هو المتضادات كالحرارة والبرودة دون التضاد ، فإنه من المعاني العقلية ، فكيف جعلوا مبنى تعدد اللامسة ، تعدد أنواع التضاد ، وجوزوا إدراك القوة الواحدة للمدركات المتضادة ، كالباصرة للسواد والبياض. ولم يجعلوا ذلك أفعالا مختلفة من مبدأ واحد بالذات والاعتبار.
[قال (ومنها الذوق) :
وهي قوة منبثة في العصب المفروش على جرم اللسان ، تدرك بها الطعوم بشرط المماسة ، وتوسط الرطوبة اللعابية ، وخلوها عن المثل والضد ليتكيف بكيفية الطعوم أو تخالطها أجزاء منه فيغوص].
هو تال للمس في المنفعة ، بحيث يفعل ما به يتقوم البدن ، وهو تشهية (٢) الغذاء واختياره ، ويوافقه في الاحتياج إلى الملامسة ، ويفارقه في أن نفس الملامسة ، لا تؤدي الطعم ، كما أن نفس ملامسة الحار ، تؤدي إلى (٣) الحرارة ، بل لا بد من توسط الرطوبة اللعابية (٤) المنبعثة من الآلة المسماة بالملعبة ، بشرط خلوها عن طعم ،
__________________
(١) في (ب) النفس بدلا من (اللمس)
(٢) في (ب) تشبه بدلا من (تشهية)
(٣) سقط من (أ) حرف الجر (إلى)
(٤) سقط من (ب) لفظ (اللعابية)