يمكن إبطال (١) القول ، بأن الإبصار بتكيف الهواء بشعاع العين واتصاله بالمرئي.
[قال (هذا والقول بخروج الشعاع) :
بمعنى وقوعه من العين على المبصر كما في النيرات مما اختاره كثير من المحققين ، وبنوا عليه رؤية الشيء من القرب ، وفي الماء أعظم ، ورؤية الواحد اثنين ، ورؤية الشجر في الماء منعكسا ، إلى غيره ذلك من التفاصيل المستوفاة في علم المناظر].
يريد أن علم المناظر والمرايا فن على حدة ، اعتنى به كثير من المحققين ، وبنوا الكلام فيه على خروج الشعاع ، بمعنى وقوعه من العين (٢) على المرئي ، كما يقع من الشمس والقمر وسائر الأجسام المضيئة على ما يقابلها على هيئة مخروط رأسه عند المضيء ، وقاعدته عند المرئي ، فيرى الشيء إذا بعد أصغر مما إذا قرب ، لان المخروط يستدق ، فتضيق زواياه التي عند الباصرة (٣) ، وتضيق لذلك (٤) الدائرة التي عند المبصر ، وكلما ازداد الشيء بعدا ، ازدادت الزوايا والدائرة صغرا ، إلى أن ينتهي في البعد إلى حيث لا يمكن الإبصار ، ويرى الشيء في الماء أعظم منه في الهواء ، لان الشعاع ينفذ في الهواء على استقامة ، وأما في الماء فبعضه ينفذ مستقيما ، وبعضه ينعطف على سطح الماء ، فلم ينفذ إلى المبصر ، فيرى بالامتداد الشعاعي النافذ مستقيما ومنعطفا معا من غير تمايز ، وذلك إذا قرب المرئي من سطح الماء ، وأما إذا بعد فيرى في موضعين ، لكون رؤيتهما (٥) بالامتدادين المتمايزين ، وكذا إذا غمزنا إحدى العينين ونظرنا إلى القمر ، نراه قمرين ، لأن الامتداد الشعاعي الخارج منها ، ينحرف عن المحاذاة ، فلا يلتقي مؤدي الامتدادين في الحس المشترك على موضع واحد ، بل موضعين ، فيرى المرئي اثنين ، وهكذا في
__________________
(١) في (أ) بزيادة لفظ (إبطال)
(٢) في (ب) سقط لفظ (من العين)
(٣) في (أ) بزيادة لفظ (الباصرة)
(٤) سقط من (ب) لفظ (لذلك)
(٥) في (أ) رؤيته بدلا من (رؤيتهما)