الخط إلى آخر الخط ظهر عدم انقسام الأجزاء بأسرها ، وثبت المطلوب ، وكقولهم : قد ثبت أن الزاوية الحاصلة من مماسة الخط المستقيم لمحيط الدائرة أصغر الزوايا ، فلا يقبل الانقسام فثبت الجزء].
أي الطريق الثاني للمتكلمين إثبات جوهر في الجسم لا يقبل الانقسام أصلا ، أي لا قطعا ، ولا كسرا ، ولا وهما ، ولا فرضا ، والفرق بينهما أن القطع يفتقر إلى آلة نفاذة ، بخلاف الكسر ، ثم إنهما يؤديان إلى الافتراق بخلاف الوهمي ، والفرضي ، والوهمي إذا أريد به ما يكون بمعونة القوة الوهمية ، التي هي سلطان القوى الحسية ، قد يقف أي لا (١) يقدر على تقسيمات غير متناهية لما تقرر عندهم من تناهي أفعال القوى الجسمانية بخلاف فرض العقل. فإن العقل يتعلق بالكليات المشتملة على الصغيرة ، والكبيرة ، والمتناهية ، وغير المتناهية.
فإن قيل : إثبات الجوهر الفرد (٢) لا يفيد المطلوب. أعني تركب الجسم منها.
قلنا : نعم إلا أنه يكفي لدفع ما يدعيه الفلاسفة من امتناعه ، على أن بعض الوجوه المذكورة مما يفيد أصل المطلوب.
وبالجملة فلهم في هذا الطريق مسالك ، منها ما يبتنى على أن قبول الانقسام يستدعي حصول الأقسام بالفعل وفيه وجوه.
الأول أن الله تعالى قادر على أن يخلق في أجزاء الجسم بدل اجتماعها
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (لا)
(٢) يطلق الجوهر عند الفلاسفة على معان منها الموجود القائم بنفسه حادثا كان او قديما ويقابله العرض ، ومنها الذات القابلة لتوارد الصفات المتضادة عليها ومنه الماهية التي اذا وجدت في الأعيان كانت لا فى موضوع ومنها الموجود الغنى عن محل يحل فيه.
قال ابن سينا : الجوهر هو كل ما وجود ذاته ليس في موضوع أي في محل قريب قد قام بنفسه دونه لا بتقويمه (راجع النجاة ص ١٢٦) والجوهرية : مذهب من يقول بوجود الجوهر ، اعنى الشيء القائم بنفسه وهي ضد الظواهرية ، والجوهري هو المنسوب الى الجوهر أو المقوم له ، كما في قولنا الصورة الجوهرية.
والجوهر عند المتكلمين : هو الجوهر الفرد المتميز الذي لا ينقسم ، اما المنقسم فيسمونه جسما لا جوهرا ولهذا السبب يمتنعون عن إطلاق اسم الجوهر على المبدأ الأول.