[قال (المقالة الثانية فيما يتعلق بالمجردات وفيها فصلان)
الفصل الأول : في النفس وفيه مباحث :
المبحث الأول : أنها تنقسم إلى فلكية وإنسانية ، وقد تطلق على ما ليس بمجرد ، كالنفس النباتية لمبدإ آثار النبات ، والحيوانية لمبدإ آثار الحيوان. فمن هاهنا تفسير بأنها كمال أول لجسم طبيعي آلي. فمن حيث التغذي والنمو نباتية ، ومن حيث الحس والحركة حيوانية ، ومن حيث تعقل الكليات إنسانية ، ومن حيث إرادة الحركة المستديرة فلكية ، إذا جعلنا الكواكب والتداوير ونحوهما بمنزلة الآلات ، ويزاد لتخصيص الأرضية. قيد ذي حياة بالقوة].
أولهما في النفس ، والثاني في العقل (١) ، لما عرفت من أن الجوهر المجرد إن تعلق بالبدن تعلق التدبير والتصرف فنفس ، وإلا فعقل ، وقد يطلق لفظ النفس على ما ليس بمجرد ، بل مادي كالنفس النباتية التي هي مبدأ أفاعيله من التغذية والتنمية ، والتوليد.
والنفس الحيوانية التي هي مبدأ الحس والحركة الإرادية ، وتجعل النفس الأرضية اسما لهما ، أو للنفس الناطقة الإنسانية ، فتفسر بأنها كمال أول لجسم طبيعي آلي ، ذي حياة بالقوة ، والمراد بالكمال. ما يكمل به النوع في ذاته ، ويسمى كمالا أولا كهيئة السيف للحديد ، أو في صفاته ويسمى كمالا ثانيا ، كسائر ما يتبع النوع من العوارض ، مثل القطع للسيف ، والحركة للجسم ، والعلم للإنسان فإن قيل : قد سبق أن الحركة كمال أول.
قلنا : نعم بالنظر إلى ما هو بالقوة من حيث هو بالقوة ، فإنه أول ما يحصل له (٢)
__________________
(١) العقل : الحجر والنهي ، ورجل عاقل وعقول. والعقل : الدية ، قال الأصمعي : وإنما سميت بذلك لأن الإبل تعقل بفناء ولى المقتول. ثم كثر استعمالهم هذا الحرف. حتى قالوا عقلت المقتول إذا أعطيت ديته دراهم أو دنانير.
وعقلت عن فلان أي غرمت عنه جناية وذلك إذا لزمته دية فأديتها عنه ، فهذا هو الفرق بين عقلته وعقلت عنه وعقلت له. وفي الحديث «لا تعقل العاقلة عمدا ولا عبدا» قال أبو حنيفة رحمهالله وهو ان يجني العبد على الحر. وقال ابن أبي ليلى : هو أن يجني الحر على عبد.
(٢) في (ب) لها بدلا من (له).