المبحث الثاني
[قال (المبحث الثاني)
النفوس متماثلة لوحدة حدها وقيل متخالفة لاختلاف لوازمها وآثارها وكلاهما ضعيف].
ذهب جمع من قدماء الفلاسفة إلى أن النفوس الحيوانية والإنسانية متماثلة متحدة الماهية ، واختلاف الأفعال والإدراكات عائد إلى اختلاف الآلات ، وهذا لازم على القائلين بأنها أجسام ، والأجسام متماثلة لا تختلف إلا بالعوارض ، وأما القائلون بأن النفوس الإنسانية مجردة. فذهب الجمهور منهم إلى أنها متحدة الماهية ، وإنما تختلف في الصفات والملكات ، لاختلاف الأمزجة والادوات (١). وذهب بعضهم إلى أنها مختلفة بالماهية.
بمعنى أنها جنس تحته أنواع مختلفة ، تحت كل نوع أفراد متحدة الماهية ، متناسبة الأحوال ، بحسب ما يقتضيه الروح العلوي المسمى بالطباع التام لذلك النوع ، ويشبه أن يكون قوله عليهالسلام : الناس معادن كمعادن الذهب والفضة (٢). وقوله عليهالسلام : «الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف» (٣) إشارة إلى هذا. وذكر الإمام في المطالب العالية ، أن هذا
__________________
(١) في (ب) الارادات بدلا من (الأدوات).
(٢) الحديث رواه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء ١٤ باب أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إلى قوله : ونحن له مسلمون». ٣٣٧٤ بسنده عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال : قيل للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من أكرم الناس ...؟ قال : أكرمهم اتقاهم. قالوا : يا نبي الله ليس عن هذا نسألك. قال : فاكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله. قالوا : ليس عن هذا نسألك. قال : أفعن معادن العرب تسألونني؟ قالوا : نعم. قال : فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا» ورواه الإمام مسلم في الفضائل ١٦٨ والإمام أحمد بن حنبل في المسند ٢ : ٤٣١ ، ٥٣٩ (بلفظ : الناس معادن كمعادن الفضة والذهب).
(٣) الحديث رواه الإمام البخاري في كتاب الأنبياء ٢ باب الأرواح جنود مجندة ، ٣٣٣٦ ـ قال الليث عن ـ