إنه منطبق على الحركة المنطبقة على المسافة ، فيكونان كذلك. والحكماء لا يثبتون الحاضر من الزمان ، ويجعلون الموجود من الحركة هو التوسط بين المبدأ والمنتهي ، ويجعلون حالهما في قبول الانقسام كحال الأجسام ، ومنها ما يبتنى على أن محل النقطة جوهر لا يقبل الانقسام ، وهو وجوه :
الأول : أن النقطة موجودة لأنها طرف الخط الموجود ، وطرف الموجود موجود بالضرورة ولأنه (١) شيء به يتماس الخطوط ، وتماسها بالعدم الصرف محال ، ولأنها ذات وضع ، أي يشار إليها إشارة حسية بأنها هنالك ، وهذا في المعدوم محال ، ثم إنها إما أن تكون جوهرا كما هو رأي المتكلمين ، أو عرضا ، وحينئذ يفتقر إلى جوهر يحل فيه بالذات إن لم تجوز (٢) قيام العرض أو بالواسطة إن جوزاه (٣) ، وذلك الجوهر يمتنع أن يكون منقسما وإلا لزم انقسام النقطة ، ضرورة انقسام الحال بانقسام المحل ، هذا خلف. فأيا ما كان يثبت جوهر لا يقبل الانقسام ، وهو المطلوب.
الثاني : أنا إذا وضعنا كرة حقيقية على سطح حقيقي مماسة بجزء لا يقبل الانقسام وإلا لكان في سطح الكرة خط مستقيم أو سطح مستو فلا تكون الكرة كرة حقيقية. هذا خلف فذلك الجزء إما جوهر وهو المطلوب ، أو عرض وفيه المطلوب ، ثم إذا أدرنا تلك الكرة على ذلك السطح ظهر كون سطحها من أجزاء لا تتجزأ ، وبه يتم المقصود ، والقول بامتناع الكرة أو السطح أو تماسها مكابرة ، ومخالفة لقواعدهم.
الثالث : أنه إذا قام خط على خط في أحد جانبيه لقبه بجزء لا ينقسم ، ثم إذا مر عليه إلى الجانب الآخر ظهر تألفه من أجزاء لا تتجزأ ، ضرورة أن ما يقع عليه غير المنقسم غير منقسم (٤).
__________________
(١) في (ب) ولانهما بدلا من (ولأنه)
(٢) في (ب) يجرى بدلا من (تجوز) وهو تحريف
(٣) في (ب) اذا جوزناه بدلا من (جوزاه)
(٤) سقط من (ب) لفظ (غير منقسم)