المبحث الرابع
[قال (المبحث الرابع) :
مدرك الجزئيات عندنا النفس ، لأنها تحكم بالكلي على الجزئي ، وبتغاير الجزئيين ، ولأن الأفعال الجزئية تتوقف على إدراكات جزئية ، إذ الرأي الكلى نسبته إلى الجزئيات على السواء ، ولأن كل أحد يقطع بأن الذي يبصر ويسمع. وعند الفلاسفة الحواس ، وإلا لم يحصل الجزم ، بأن الابصار للباصرة ، والسماع للسامعة. ولم توجب آفة العضو آفة فعله ، ولم يتوقف الإحساس على الحضور ، إذ لا يتفاوت حال النفس ، ولم تتخيل ذوات الأوضاع والمقادير لامتناع ارتسامها في المجرد ، ولم يحصل الامتياز من المتيامن والمتياسر ، فيما إذا تخيلنا مربعا مجنحا بمربعين متساويين ، إذ لا امتياز إلا بالمحل. وحمل كلامهم على أنها لا تدرك الجزئيات بالذات ، بل بالآلات يرفع النزاع ، ويجمع بين أدلة الفريقين ، ولا يشكل بإحساس البهائم مع عدم النفس.
لأنه لو سلم ، فالاشتراك في اللوازم لا يوجب الاشتراك في الملزوم ، ولا بإدراك النفس هويتها ، لأنه لا يفتقر إلى ارتسام (١) الصورة على أن الكلام في الجزئيات المادية التي يمتنع ارتسام صورها ، ولا بأن تعلقها بهذا البدن يقتضي تصوره ، والقصد إليه ، إذ لا يكفي تصور بدن ما لاستواء نسبته ، لأن ذلك التعلق شوقي طبيعي ، بمقتضى المناسبة ، لا إرادي ليتوقف على تصوره بعينه ، ولا بإدراكها الآلات عند قصد (٢) استعمالها ، لجواز أن يكون تخيلا ، أو تكون الخصوصيات بحسب
__________________
(١) سقط من (أ) لفظ (ارتسام).
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (قصد).