المبحث السادس
[قال (المبحث السادس) :
قد يشاهد من النفوس الإنسانية غرائب أفعال ، وإدراكات ، هي عندنا بمحض خلقالله تعالى ، وقالت الفلاسفة في الأفعال : إن النفس قد يكون لها قوة التصرف في غير بدنها ، حتى ربما تصير بمنزلة نفس ما للعالم ، أو لبعض الأجسام سيما ما يناسب بدنها ، فلا يبعد عنها إحداث الأمطار والزلازل ، وإهلاك المدن ، وإزالة الأمراض (١) ، ونحو ذلك ، وقد تحدث أذى فيما أعجبها لخاصية فيها ، وهي الإصابة بالعين ، أو شرور ، أو غرائب بشرتها ، ومزاولة أفعال خاصة تعلمها بالسحر ، أو باستعانة بالروحانيات ، فالعزائم ، أو بالأجرام الفلكية ، فدعوة الكواكب ، أو بتمزيج القوى السماوية بالأرضية ، فالطلسمات ، أو بالخواص والعنصرية ، فالنيرنجات ، أو بالنسب الرياضية ، فالحيل الهندسية ، وقد يتركب بعض ذلك مع البعض].
إشارة إجمالية إلى بيان غرائب أحوال وأفعال ، تظهر من النفوس الإنسانية ، وهي عندنا بمحض خلق الله تعالى ، من غير تأثير للنفوس خلافا للفلاسفة ، والكلام في ذلك يترتب على ثلاثة أقسام :
الأول : فيما يتعلق بأفعالها.
__________________
(١) كثير ما نسمع أن بعض الأولياء الصالحين تكون لهم كرامات ويؤيد ذلك حديث الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم عن رب العزة ـ عبدي أحببني تكن ربانيا تقول للشيء كن فيكون.
وأيضا ما جاء في الحديث القدسي : ما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، وإن سألني لأعطينه وإن استعاذني لأعيذنه.