حينئذ يكون ذكر السرعة لغوا ، ويصير هذا بعينه طريق امتناع قطع المتحرك مسافة ما ، ووصوله إلى غاية ما ، ولا يخفى أن هذا الوجه جار فيما إذا كانت الأجزاء متناهية ، وأن الوجوه الثلاثة إنما تنتهض على من يقول بلا تناهي الأجزاء في كل امتداد يفرض في الجسم ، وفيما بين كل طرفين من أطرافه ، وجهتين من جهاته ، وأما على القول بلا تناهيها في مجموع الامتدادات وفيما بين جميع الأطراف والجهات فلا إلا بين تناهي عدد الامتدادات.
الرابع : إنا نفرض اجتماع ثمانية من الأجزاء بحيث يصير المركب منها طويلا ، عريضا ، عميقا ، منقسما ، في الأقطار الثلاثة ، متقاطعا امتداداته على الزوايا القائمة ، فبالضرورة يكون جسما مع تناهي أجزائه ، ثم إذا حاولنا بيان تناهي أجزاء كل جسم متناهي المقدار اعتبرنا نسبة حجمه إلى حجمه ، فكانت نسبة متناه إلى متناه ، لأن نسبة الحجم إلى الحجم نسبة الأجزاء إلى الأجزاء ، إذ بحسبها يكون الحجم والمقدار ازديادا ، وانتقاصا ، فلو كانت الأجزاء غير متناهية ، كانت نسبة المتناهي إلى المتناهي نسبة المتناهي إلى غير المتناهي ، وهو محال.
فإن قيل : مذهب النظام أن الجوهر الفرد يمتنع وجوده على الانفراد ، وإنما يكون في ضمن الجسم ، وكل جسم ، فمن جواهر غير متناهية.
قلنا : نفرض الكلام في ثمانية أجزاء من الجسم.
الخامس : أنه لو كان الحجم والمقدار بحسب الأجزاء ، فلو كانت الأجزاء غير متناهية ، لزم في كل جسم أن يكون غير متناهي الحجم ، واللازم ظاهر البطلان ، والمشهور عن القائلين بلا تناهي الأجزاء في التفصي عن حديث زيادة الحجم ، ولحوق السريع البطيء أمران : أحدهما القول بالتداخل ، وهو أن ينفذ أحد الجزءين في الآخر ويلاقيه بأسره ، بحيث يصير حيزاهما واحدا ، وحاصله منع زيادة الحجم بزيادة الأجزاء ، فلا يلزم من عدم تناهي الأجزاء أن يكون الحجم غير متناه ، ولا أن يكون بإزاء كل جزء من المسافة جزء من الحركة والزمان ، ليلزم عدم تناهيهما.