المبحث الثاني
[قال (المبحث الثاني في أحواله) :
زعموا أنها عشرة بعدد الأفلاك بعد الأول نفيا لجانب القلة دون الكثرة والعاشر هو المدبر لعالم العناصر بحسب الاستعدادات الحاصلة من تجرد أوضاع الأفلاك ، وأنها لبراءتها عن المادة ، حلولا وتعلقا أزلية منحصرة أنواعها في أشخاصها جامعة لكمالاتها ، عاقلة لذواتها ، ولسائر المجردات ، بل لجميع الكليات دون الجزئيات.
يشير إلى إثبات (١) أحكام تتفرع على إثبات العقول المجردة منها ، أنها عشرة. بمعنى أنها ليست أقل من ذلك. وأما في جانب الكثرة فالعلم عند الله تعالى. كيف. ولا قطع بانحصار الأفلاك الكلية في التسع ، بل يجوز أن يكون بين الفلك المحيط بالكل ، وفلك الثوابت أفلاك كثيرة ، وأن يكون كل من الثوابت في فلك.
ولو سلّم فيجوز أن يكون لكل من الأفلاك الجزئية عقل يدبر أمره ، ويتشبه هو به ، بوجه لا يعلم كنهه إلا الله تعالى وحده ، وإنما تصير عشرة مع كون الأفلاك تسعة. لأن الأول مصدر لفلك ، ونفس ، وعقل ، وهكذا إلى الآخر ، فتكون العقول الصادرة تسعة ، ومع الأول المصدر عشرة ، والعاشر الذي هو عقل الفلك الأخير يدبر أمر (٢) عالم العناصر بحسب الاستعدادات ، التي تحصل للمواد العنصرية ، من تجدد الأوضاع الفلكية. والمراد بتدبير العقول ، التأثير وإفاضة الكمالات لا التصرف الذي للنفوس مع الأبدان ، ومنها أنها أزلية لما سبق من أن كل حادث
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (إثبات)
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (أمر)