وبالجملة. فكما ثبت لكل من الأبدان البشرية نفس مدبرة. فقد أثبتوا لكل نوع (من الأنواع ، بل لكل صنف روحا يدبره ، يسمى بالطباع التام ، لذلك النوع) (١) تحفظه من الآفات ، والمخافات ، وتظهر أثره في النوع ، ظهور أثر النفس الإنسانية في الشخص ، وقد دلت الأخبار الصحاح على كثرتهم جدا كقوله عليهالسلام : «أطت السماء ، وحق لها أن تئط ، ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد أو راكع» (٢).
[قال (وعندنا) :
الملائكة أجسام لطيفة تتشكل بأشكال مختلفة ، شأنهم الخير والطاعة والعلم ، والقدرة على الأعمال الشاقة. الجن كذلك إلا أن منهم المطيع والعاصي ، والشياطين شأنهم الشر والإغواء ، والغالب عليهم ، عنصر النار ، وعلى الأولين عنصر الهواء].
ظاهر الكتاب والسنة ، وهو قول أكثر الأمة. أن الملائكة أجسام لطيفة نورانية قادرة على التشكلات بأشكال مختلفة كاملة في العلم والقدرة على الأفعال الشاقة شأنها الطاعات ، ومسكنها السموات. هم رسل الله تعالى إلى أنبيائهم عليهمالسلام ، وأمناؤه على وحيه ، يسبحون الليل والنهار لا يفترون (٣) ، لا يعصون الله ما أمرهم ، ويفعلون ما يؤمرون (٤). والجن أجسام لطيفة هوائية تتشكل بأشكال مختلفة ، وتظهر منها أفعال عجيبة ، منهم المؤمن والكافر (٥) والمطيع والعاصي.
والشياطين أجسام نارية. شأنها إلقاء النفس في الفساد والغواية بتذكير أسباب
__________________
(١) ما بين القوسين سقط من (أ).
(٢) الحديث رواه الإمام الترمذي في كتاب الزهد باب ٩ ورواه ابن ماجه في كتاب الزهد باب ١٩ ورواه الإمام أحمد في المسند ٥ : ١٧٣ (حلبي).
(٣) سورة الأنبياء آية رقم ٢٠
(٤) سورة التحريم آية رقم ٦
(٥) قال تعالى : (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً).