قال (وقطع ما لا يتناهى فيما يتناهى ضلال)
قد يجاب عن إشكال قطع المسافة المعينة بأنه إنما يتوقف على زمان غير متناهي الأجزاء ينطبق كل جزء منها على جزء من الحركة ، وهو على جزء من المسافة ، وهذا لا يستلزم عدم تناهي الزمان ، لأن المحدود من الحركة والزمان يشتمل على أجزاء غير متناهية ، كالجسم المتناهي ، وهذا كما أن المسافة المعينة تحتمل عند الفلاسفة الانقسام إلى غير النهاية ، ولا يمتنع قطعها في زمان متناه ، مع أن قطعها يتوقف على قطع نصفها ونصف نصفها ، وهلمّ جرا إلى ما لا يتناهى ، وذلك لأن كلّا من الحركة والزمان المحدودين أيضا قابل للانقسام إلى غير النهاية ، ويدفع بأن ما يوجد شيئا فشيئا من بداية إلى نهاية ، فامتناع كونه غير متناهي العدد معلوم بالضرورة ، والقول به ضلال عن طريق الحق ، بخلاف قبوله الانقسام إلى غير النهاية بالمعنى الذي ذكروه على ما مرّ.
فإن قيل : هذا ليس تمشية (١) لبرهان قطع المسافة ، بل رجوعا إلى برهان المحصور بين حاصرين.
قلنا : نعم إلا أن هذا لما كان فيما له امتداد طولي فقط كالحركة والزمان في غاية الظهور بيّن به حال الجسم.
«طرق نفي الجوهر الفرد عند الفلاسفة»
قال (وأما الفلاسفة)
[فلهم في نفي الجوهر الفرد (٢) طرق منها :
الأول : أن ما منه إلى جهة غير ما منه إلى جهة أخرى فينقسم.
__________________
(١) في (ب) بمشبه بدلا من (تمشية)
(٢) سقط من (ب) لفظ (الفرد)