الانتفاء قطعا ، كتفكك أجزاء الجسم (١) الذي في غاية الاستحكام لحظة فلحظة ، ثم التئامها ، وكتخلّف المعلول عن العلة أو تحققه بدونها حينا فحينا ، بيان ذلك أنا نجد المتوافقين في الأخذ والترك قد يتفاوتان في المسافة ، فيحكم بأن الّذي قطع مسافة أطول أسرع حركة ، والآخر أبطأ ، فلو كانت المسافة من أجزاء لا تتجزأ ، فعند قطع السريع جزءا إما أن يقطع البطيء جزءا فيه (٢) فيتساويان أو أكثر ، فأبعد أو أقل ، فينقسم الجزء ، فلم يبق إلا أن يكون له في خلال حركاته سكنات ، ولما كان هذا غير ممتنع عند المتكلمين ، بل مقررا أعرضنا عنه إلى ما يكون تخلل (٣) السكنات فيه مستلزما لما هو معلوم الانتفاء ، كتفكك أجزاء الجسم الذي هو مثل في الشدة والاستحكام ، كالحجر أو الذي لو تفككت أجزاؤه لتناثرت كالفرجار ، أو كان له شعور بذلك ، بل تبطل حبوته (٤) وحركته عند الأكثرين كالإنسان ، أو الذي ذهب جمع من العقلاء إلى امتناع تفككه كالفلك (٥) ، وكوجود العلة بدون المعلول في حركة الشمس مع سكون الظل ، ووجود المعلول بدون علته في حركة الدلو إلى العلو ، مع سكون حبل الكلاب ، فيما إذا فرضنا بئرا عمقها مائة ذراع مثلا ، وفي منتصفها خشبة شد عليها طرف حبل طوله خمسون ذراعا ، وعلى طرفه الآخر
__________________
(١) في (ب) القسم بدلا من (الجسم) وهو تحريف
(٢) سقط من (أ) لفظ (فيه)
(٣) في (أ) تحلل بدلا من (تخلل)
(٤) في (ب) حياته بدلا من (حبوته).
(٥) يعد علم الفلك من أقدم العلوم. فقد نظم قدماء المصريين تقويمهم برصد مواقع النجوم منذ أربعة آلاف عام ومنذ حوالي ثلاثة آلاف عام عرف البابليون طريقة التنبؤ بالخسوف والكسوف ، وينتمي أوائل علماء الفلك الذين نعرف أسماءهم إلى زمرة الفلاسفة الإغريق فحوالي عام خمسمائة قبل الميلاد. عرف «ثيلز» كيف يتنبأ بالخسوف والكسوف ، وفي نفس الوقت تقريبا ناقش «فيثاغورس» فكرة كروية الأرض وسباحتها في الفضاء. وحوالي عام ٢٠٠ ق. م قام (اراتوشينس) بقياس حجم الأرض من رصده ارتفاع الشمس في مدينة الاسكندرية في اللحظة التي تتعامد فيها على أسوان وقبل ذلك بما يقرب من خمسين عاما قاس «ارسطارخوس» بعد الشمس والقمر وآخر علماء الفلك الإغريق المشهورين هو «بطليموس» الذي عاش في الاسكندرية حوالي عام ١٠٠ ق م وقام بتأليف كتاب يصف فيه حركة جميع الاجرام حول الأرض ، واشتهرت أفكاره هذه باسم النظام البطلميوسي. الخ ... راجع الموسوعة الذهبية ج ١٠ ص ١٠٦٤