أنه لو كان هناك امتدادان جوهري وعرضي ، فإما أن يتفاوتا فيكون البعض من أحد (١) الامتدادين لا في مادة أو يستويا فيرتفع الامتياز].
هم قوم من الفلاسفة يؤثرون طريق أفلاطون ، وما له من الكشف (٢) والعيان على طريقة أرسطو وما له من البحث والبرهان ، ذهبوا إلى أن الجسم متصل واحد في نفسه كما هو عند الحس لا تركيب فيه أصلا ، لا من أجزاء لا تتجزأ ، ولا من الصورة والهيولي بل هو مقدار جوهري لا يتغير في ذاته بتبدل المقادير العرضية عليه ، أعني ما يوجد بحسب ذهاب جوانب الجسم في الجهات ويسمى طولا ، وعرضا ، وعمقا ، مثلا المقدار الذي هو الشمعة لا يتغير عن ذلك القدر بتغير الأشكال ، وإنما يتغير ذهاب آحاد المقادير في الجهات ، فيزيد الطول على ما كان ، وينقص العرض أو بالعكس ، وكذا العمق ، وليس الانفصال عبارة عن زوال الاتصال بهذا المعنى. أعني المقدار الجوهري بل بالمعنى الذي يعتبر بين المقدارين ، فلا يمتنع قبوله إياه مع بقائه بذاته ، ومنشأ الغلط إطلاق لفظ الاتصال على المعنيين والأجسام المتشاركة في الجسمية ، إنما تختلف في المقادير المخصوصة (٣) التي هي بإزاء الجسميات (٤) المخصوصة لا في المقدار المطلق الذي بإزاء الجسم المطلق ، ثم الجسم من حيث قبوله للهيئات المتبدلة عليه ، ومن
__________________
(١) سقط من (أ) لفظ (أجد)
(٢) الكشف في اللغة : رفع الحجاب وفي الاصطلاح هو الاطلاع على ما وراء الحجاب من المعاني الغيبية والأمور العقلية وجودا وشهودا (راجع تعريفات الجرجاني) وقد بين القدماء أن الكشف عن الأمور الغيبية يتم بطريقين أحدهما طريق الالهام والحدس. وهو ذاتي والآخر طريق الوحي ، وهو خارجي طارئ أما الالهام فهو العلم الذي يقع في القلب بطريق الفيض من غير استدلال ولا نظر بل بنور يقذفه الله في الصدر (راجع الغزالي المنقذ من الضلال)
(٣) سقط من (ب) لفظ (المخصوصة)
(٤) الجسم في بادئ النظر هو هذا الجوهر الممتد القابل للأبعاد الثلاثة الطول والعرض والعمق ، وهو ذو شكل ووضع ، وله مكان إذا شغله منع غيره من التداخل فيه معه ، فالامتداد وعدم التداخل هما إذن المعنيان المقومان للجسم. والجسماني : هو المنسوب الى الجسم ، والجسمانية : هي المادية والجسيمات : هي الأجسام الصغيرة أطلق هذا اللفظ في القرنين السابع عشر والثامن عشر على الذرات والجواهر الفردة ثم اطلق في أيامنا هذه على العناصر الصغيرة المحسوسة مثل جسيمات اللمس. وفلسفة الجسيمات نظرية طبيعية تحاول تفسير بعض الظواهر الطبيعية بتجمع بعض الجزئيات غير المرثية.