طبيعة عرضية ، أو جنسية ، يقع على معروضات أو ماهيات مختلفة اللوازم ، كالوجود ، والحيوانية ، بل نوعية ، لكونه أمرا متحصلا بنفسه ، إذ لا يختلف إلا بما يلحقه من حرارة وبرودة ، وما يقارنه من طبيعة (١) فلكية ، أو عنصرية ، ونحو ذلك مما هو خارج عنها ، متميزة بحسب الوجود ، ولهذا لم يكن الجواب عن الكل والبعض إلا جوهرا متصل الذات ، وهذا لا ينافي كون الجسم جنسا يؤخذ مبهما لا يتحصل إلا بما ينضاف إليه من الفصول ، وقد يقرر بأن كل جسم يقبل الانفكاك في ذاته ، وإن امتنع لعارض ، وبأن الانفصال في الوهم كاف في ثبوت المادة].
ذكر من فروع القول بتركب الجسم من الهيولي والصورة (٢) خمسة :
الأول : ثبوت ذلك لكل جسم ، وإن لم يكن قابلا للانفصال الانفكاكي كالفلكيات وذلك لأن الجسمية. أعني الامتداد الجوهري طبيعة نوعية ، إذ لا تختلف حيث تختلف إلا بالعوارض والمشخصات دون الفصول ، وقد ثبت أنها فيما يقبل الانفصال الانفكاكي مفتقرة إلى المادة ، نظرا إلى ذاتها الاتصالية من غير اعتبار بالتشخصات ، والأسباب الخارجة ، فكذا فيما لا يقبله ، لأن لازم الماهية لا يختلف ، ولا يختلف. وتحقيق ذلك ما ذكر في الشفاء إن جسمية إذا خالفت جسمية أخرى تكون لأجل أن هذه حارة ، وتلك باردة ، وهذه لها طبيعة فلكية ،
__________________
(١) الطبيعة هي القوة السارية في الأجسام التي يصل بها الموجود الى كماله الطبيعي وهذا المعنى هو الأصل الذي ترجع إليه جميع المعاني الفلسفية التي يدل عليها هذا اللفظ فمن هذه المعاني قول ابن سينا الطبيعة مبدأ أول لكل تغير ذاتي وثبات ذاتي. (راجع رسالة الحدود) ويطلق لفظ الطبيعة على النظام او القوانين المحيطة بظواهر العالم المادي وهي عند أرسطو ضد المصادفة والاتفاق. (راجع رسالة الحدود لابن سينا وفلسفة ابن رشد).
(٢) الصورة في اللغة الشكل والصفة والنوع ولها في عرف العلماء عدة معان فهي تطلق على ترتيب الأشكال ووضع بعضها على بعض وتسمى بالصورة المخصوصة وتطلق على ترتيب المعاني المجردة فيقال صورة المسألة وصورة السؤال والجواب. (راجع كليات أبي البقاء).
والفلاسفة يفرقون بين الصورة الجسمية والصورة النوعية وبين الصورة الجوهرية والصورة العرضية ويرى الفلاسفة أن الفكر مادة وصورة أما مادته فهي الحدود التي يتألف منها وأما صورته فهي العلاقات الموجودة بين هذه الحدود وللقضايا المنطقية صفة صورية وهي انقسامها إلى أربعة أقسام القضايا الموجبة والقضايا السالبة والقضايا الكلية والقضايا الجزئية. (راجع تعريفات الجرجاني والنجاة لابن سينا ص ٢٦٤).