امتنع ذلك لأمر زائد لازم كالصورة الفلكية ، أو غير ذلك لازم كغاية الصغر والصلابة ، وفي شرح الإشارات ما يشعر بأن قبول الانفصال الوهمي كاف في إثبات المادة إذ لا بقاء للاتصال مع الانفصال فلا بدّ من قابل باق.
واعترض بأن الانفصال الوهمي إنما يرفع الاتصال في الوهم دون الخارج ، فلا يلزم وجود الهيولي في الخارج على ما هو المطلوب.
وأجيب : بأن معنى إمكان الانفصال الوهمي هو أن يكون الجسم بحيث يصح حكم الوهم بأن فيه شيئا غير شيء وجزءا دون جزء لا من الأحكام الكاذبة الوهمية ، بل الصادقة المبنية على إمكان جزء غير جزء في نفس الأمر وهو معنى الانفصال الخارجي ، وحاصله أن القسمة الوهمية ، وإن لم تستلزم الانفكاكية لكن قبولها يستلزم قبولها ، وهو يستلزم ثبوت المادة في نفس الأمر.
[قال (الثاني)
امتناع الهيولي بدون الصورة لأنها إن كانت مشارا إليها كانت جسما لامتناع الجوهر الفرد ، وإلا فعند حصول الصورة تكون في بعض الأحياز ضرورة وهو تخصيص بلا مخصص ، ورد بمنع انحصار المخصص في الصورة].
من فروع القول بالهيولى أنها تمتنع أن توجد مجردة عن الصورة لأنها حينئذ إما أن تكون ذات وضع أو لا. والمراد بالوضع هاهنا كون الشيء بحيث يمكن أن يشار إليه بأنه هاهنا أو هنالك ، فإن كانت ذات وضع كان جسما لكونه جوهرا متحيزا قابلا للانقسام في الجهات لما علم في بحث نفي الجزء من أنه يمتنع أن يوجد جوهر متحيز لا ينقسم أصلا بمنزلة النقطة (١) أو ينقسم في جهة دون جهة بمنزلة الخط أو السطح وإنما لم يقل كان جسما أو حالا في جسم كالأعراض والصور ، لأن الكلام في جوهر قابل للصور ، وإن لم تكن ذات وضع ولا محالة تصير محلا للصورة في الجملة.
__________________
(١) النقطة ثلاثة أقسام مادية ورياضية ومتافيزيقية أما النقطة المادية فهي أصغر شيء ذي وضع يمكن أن يشار إليه بالإشارة الحسية ، وأما النقطة الرياضية فهي معنى هندسي أولي لا يمكن تعريفه إلا بنسبته الى غيره كقولنا النقطة ذات غير منقسمة ولها وضع وهي نهاية الخط (راجع رسالة الحدود لابن سينا ص ٩٢) وأما النقطة الميتافيزيقية فهي الذرة أو الموناد (اصطلاح أجنبي).