فيما بينه ، وبين الجزءين الآخرين على وجه آخر غير الحلول ، والحق أن اثبات الصور الجوهرية [سيما النوعية ، وأن الذي يعلم قطعا هو أن الماء والنار مثلا] (١) مختلفان بالحقيقة مع الاشتراك في الجسمية كالإنسان والفرس في الحيوانية ، وأما أن في كل منهما جوهرا لا يختلف بالحقيقة (حالا فيه أيضا) هو المادة ، وآخر كذلك حالا في الأول هو الصورة الجسمية ، وآخر مختلف بالحقيقة حالا فيه أيضا هو الصورة النوعية ، وهكذا في سائر مراتب امتزاج العناصر إلى أن تنتهي إلى النوع الأخير كالإنسان مثلا ، فيكون في مادته جواهر كثيرة هي صور العناصر والأخلاط والأعضاء ، وآخرها صورة نوعية إنسانية حالة غير النفس الناطقة (٢) المفارقة فلم يثبت بعد ، وما يقال أن الأجزاء العقلية إنما توجد من الأجزاء الخارجية فلا بدّ في اختلاف أنواع الجنس الواحد من صور مختلفة الحقيقة ، هي مأخذ الفصول ليس بمستقيم ، لأنهم جعلوا العقول والنفوس أنواعا بسيطة من جنس الجوهر ، ولأن الجزء الخارجي قد لا يكون مادة ولا صورة كالنفس الناطقة ، اللهم إلا بمجرد التسمية ، ووقع في ديباجة الأخلاق العنصرية (٣) ما يشعر بأن على الصورة الإنسانية (٤) طراز عالم الأمر أي المجردات ، وكأنه أراد أنها لغاية قربها من الكمالات وإعدادها البدن ، لقبول تعلق النفس به شبيهة بالمجردات ، وإن كانت حالة في المادة أو أراد بكونها من عالم الأمر أن وجودها دفعي لا كالهيولى ، وما لها من الأطوار في مدارج
__________________
(١) ما بين القوسين سقط من (ب).
(٢) النفس عند ارسطو هي المبدأ الأول للحياة والإحساس والفكر وتسمى قوة النفس التي هي مبدأ الفكر بالنفس الانسانية ، أو النفس الناطقة او المفكرة ، وهي النفس الانسانية من جهة ما تدرك الكليات وتفعل الأفعال الفكرية أو هي الجوهر المجرد عن المادة القابل للمعقولات والمتصرف في مملكة البدن (راجع تعريفات الجرجاني)
قال ابن سينا : وأما النفس الناطقة فتنقسم قواها أيضا الى قوة عاملة وقوة عالمة ، وكل واحدة من القوتين تسمى عقلا باشتراك الجسم ، فالقوة العاملة هي العقل العملى ، والقوة العالمة هي القوة النظرية أو العقل النظري. (راجع رسالة في معرفة النفس الناطقة وأحوالها لابن سينا نشرت في القاهرة عام ١٩٣٤ وكتاب النجاة أيضا ص ٢٦٩ ـ ٢٧٢).
(٣) في (أ) الناصرية بدلا من (العنصرية) وهو تحريف
(٤) سقط من (ب) لفظ (الانسانية)