يستدل بأن الأجسام متساوية في التميز ، وقبول الأعراض ، وذلك من أخص صفات النفس، وبأن الجسم ينقسم الى الفلكي والعنصري (١) بما لهما من الأقسام ، ومورد القسمة مشترك ، وبأن الأجسام يلتبس بعضها ببعض على تقدير الاستواء في الأعراض ، ولو لا تماثلها في نفسها لما كان كذلك ، والكل ضعيف. ومن أفاضل الحكماء من توهم أن المراد بتماثلها اتحادها في مفهوم الجسم ، وإن كانت هي أنواعا مختلفة مندرجة تحته فتمسك بأن الحد الدال على ماهية الجسم على اختلاف عباراتهم فيه واحد عند كل قوم من غير وقوع قسمة فيه ، فلذلك اتفق الكل على تماثله ، فإن المختلفات إذا جمعت في حد واحد وقع فيه التقسيم ضرورة كما يقال الجسم هو القابل للأبعاد الثلاثة ، والمشتمل عليها ، فيعم الطبيعي والتعليمي ، ومنشأ هذا التوهم استبعاد أن يذهب عاقل إلى أن الماء والنار حقيقة واحدة ، لا تختلف إلا بالعوارض كالإنسان دون الفصول ، والمنوعات كالحيوان ، كيف ولم يسمع نزاع في أن الجسم جنس بعيد ثم قال :
وقول النظام يتخلفها لتخالف خواصها إنما يوجب تخالف الأنواع ، لا تخالف المفهوم من الحد.
[قال (ومنها)
أنها باقية بحكم الضرورة لا بمجرد البقاء في الحس ، وقابلة للفناء
__________________
(١) الجسم بالكسر وسكون السين المهملة في اللغة : الجرم وكل شيء عظيم الخلقة. وعند أهل الرمل اسم لعنصر الأرض ، وعند الحكماء يطلق بالاشتراك اللفظي على معنيين. أحدهما : ما يسمى جسما طبيعيا لكونه يبحث عنه في العلم الطبيعي. وثانيهما : ما يسمى جسما تعليميا إذ يبحث عنه في العلوم التعليمية أي الرياضية ويسمى ثخنا ، وعرفوه بأنه كم قابل للأبعاد الثلاثة المتقاطعة على الزوايا القائمة ، والقيد الأخير للاحتراز عن السطح لدخوله في الجنس الذي هو الكم. والحكماء قسموا الجسم الطبيعي تارة الى مركب يتألف من أجسام مختلفة الحقائق كالحيوان ، والى بسيط وهو ما لا يتألف منها كالماء.
وقسموا المركب الى تام وغير تام ، والبسيط الى فلكي وعنصري. وتارة الى مؤلف يتركب من الأجسام سواء كانت مختلفة كالحيوان ، أو غير مختلفة كالسرير المركب من القطع الخشبية ، والى مفرد لا يتركب منها الخ ... (راجع كشاف اصطلاحات الفنون ج ١ ص ٣٦٧ وما بعدها).