فإن قيل : حدوث المسامتة لا يقتضي إلا أن يكون لها بداية بحسب الزمان ، فمن أين تلزم البداية بحسب المسافة ، أعني أول نقطة المسامتة.؟
قلنا : من جهة أن الزمان منطبق على الحركة المنطبقة على المسافة ، فلو لم يكن لها أول لم يكن للحركة أول ، فلم يكن للزمان أول ، ومنها أن المحال إنما لزم على تقدير لا تناهي البعد مع الفرض المذكور وهو لا يستلزم استحالة لا تناهي البعد لجواز أن يكون ناشئا من المجموع.
وجوابه : أنا نعلم بالضرورة إمكان ما فرض ، وإمكان اجتماعه مع البعد الغير المتناهي ، فتعين كونه المنشأ للزوم المحال. ومنها أنا لا نسلم استحالة أول نقطة المسامتة في الخط الغير المتناهي ، وما ذكر في بيانه باطل لأن انقسام الحركة والزاوية لا إلى نهاية حكم الوهم وهو كاذب.
وجوابه : أن أحكام الوهم فيما يفرض من الهندسيات صحيحة تكاد تجري مجرى الحسيات لكونها على طاعة من العقل بحيث لا يمنع إلا مكابرة. ولهذا لا يقع فيها اختلاف آراء وإنما الكاذب هي الوهميات الصرفة مثل الحكم في المعقولات بما يخص المحسوسات ، كالحكم بأن كل موجود ذو وضع (١). واعترض الإمام بأن هذا الدليل مقلوب ، لأنه لما كانت المسامتة لكل نقطة بعد المسامتة (٢) لما فوقها لزم عدم تناهي الأبعاد. وبيانه على ما في المطالب العالية أن أعظم ما يفرض من الخطوط المستقيمة هو محور للعالم. أعني الخط المار بمركزه الواصل بين قطبيه. فإذا فرضنا كرة يميل قطرها الموازي للمحور إلى مسامته حدثت زاوية قابلة للقسمة ، ولا محالة يكون الخط الخارج على نصفها مسامتا لنقطة فوق طرف المحور ، ويكون هناك (٣) أبعاد يفرض نقط لا إلى نهاية.
__________________
(١) في (ب) صنع بدلا من (وضع)
(٢) سقط من (ب) بعد المسامتة
(٣) سقط من (ب) لفظ (هناك)