يمكن منعه إلا مكابرة (١) ، لكن لما كان في إمكان المفروض نوع خفاء قرره بعضهم. بأنا نفرض زاوية مبدأ الخطين ثلثي قائمة ، وللزوم تساوي الزاويتين الحادثتين من الخط الواصل بين كل نقطتين متقابلتين من ساقي المثلث ، ولزوم كون زواياه مساوية لقائمتين ، لزم أن يكون كل من الزاويتين ثلثي قائمة ، ولزم من تساوي زوايا المثلث تساوي أضلاعه ، كل ذلك لما بينه أقليدس (٢) فيلزم من عدم تناهي الخطين عدم تناهي ما بينهما ، وحاول صاحب الإشراق سلوك طريق يوجب كون زاوية مبدأ الخطين ثلثي قائمة ، فاخترع البرهان الترسي ، وتقريره : أنا نخرج من مركز جسم (٣) مستدير كالترس مثلا ستة خطوط قاسمة له إلى ستة أقسام متساوية ، فيكون كل من الزوايا الست ثلثي قائمة ، وكذا كل من الزاويتين الحادثتين من الخط الواصل بين كل نقطتين متقابلتين من كل ضلعين ، فيصير كل قسم مثلثا متساوي الزوايا والأضلاع ، ويلزم من امتداد الخطين إلى غير النهاية ، امتداد بعد ما بينهما إلى غير النهاية.
ومن تردد في لزوم تساوي الزوايا والأضلاع ، وجوز كون وتر زاوية مبدأ الخطوط الستة أقل من الضلعين أو أكثر فلعدم شعوره بالهندسة. واعترض على هذه البيانات بأنها إنما تفيد زيادة الأبعاد والاتساعات فيما بين الخطين إلى غير النهاية لا وجود سعة وبعد ممتد إلى غير النهاية ، وإنما يلزم ذلك لو كان هناك بعد هو آخر الأبعاد يساوي الخطين اللذين هما ساقا المثلث ، فلا يتصور ذلك إلا بانقطاعهما وتناهيهما ، فيكون إثبات التناهي بذلك مصادرة على المطلوب (٤). ولو سلّم إنما لزم من المجموع المفروض ، وهو لا يستلزم (٥) استحالة لا تناهي الخطين.
__________________
(١) سط من (أ) لفظ (مكابرة)
(٢) أقليدس : رياضي يوناني نشأ بالاسكندرية في عهد بطليموس وازدهر في ٣٠٠ ق م انشأ مدرسة الاسكندرية ، وقام بتنظيم علم الرياضة في عصره وضمنه مؤلفه «الأصول» في ثلاث عشرة مقالة ظلت أساسا لدراسة مبادي الهندسة حتى هذا العصر ، ويحتمل أن يكون جزء كبير من هذه المقالات من أبحاث أقليدس وإضافاته وليس مجرد جمع للمعلومات الرياضية.
(٣) سقط من (أ) لفظ (جسم)
(٤) سقط من (ب) لفظ (على المطلوب)
(٥) سقط من (ب) لفظ (لا يستلزم)