أدلة الفلاسفة
(قال : وعند الفلاسفة.
لأنه مجرد وكل مجرد عالم ، ولأنه عالم بذاته وهو مبدأ للكل ، والعلم بالمبدإ مستلزم للعلم بذي المبدأ).
قال : وعند الفلاسفة. أورد (١) من استدلالهم على علم الباري وجهان :
الأول : أنه مجرد أي ليس بجسم ولا جسماني لما مرّ ، وكل مجرد عاقل ، أي عالم بالكليات لما وقعت الإشارة إليه في مباحث المجردات من أن التجرد يستلزم التعقل ، وبيانه أن التعقل يستلزم إمكان المعقولية لأن المجرد بريء عن الشوائب المادية ، واللواحق الغريبة وكل ما هو كذلك لا يحتاج إلى عمل يعمل به حتى يصير معقولا. فإن لم يعقل ، كان كذلك من جهة القوة العاقلة ، لا من جهته ، وإمكان المعقولية يستلزم إمكان المصاحبة (٢) بينه ، وبين العاقل إياه ، وهذا الإمكان لا يتوقف على حصول المجرد في جوهر العاقل ، لأن حصوله فيه نفس المصاحبة ، فتوقف إمكان المصاحبة على حصول المجرد فيه توقف إمكان الشيء على وجوده المتأخر عنه ، وهو محال.
إذ المجرد سواء وجد في العقل أو في الخارج يلزمه إمكان مصاحبة المعقول ، ولا
__________________
(١) في (أ) ورد بدلا من (أورد).
(٢) الصاحب الملازم إنسانا كان أو حيوانا أو مكانا أو زمانا ولا فرق بين أن تكون مصاحبته بالبدن وهو الأصل والأكثر أو بالعناية والهمة وعلى هذا قال :
لئن غبت عن عيني |
|
لما غبت عن قلبي |
ويقال للمالك للشيء هو صاحبه وكذلك لمن يملك التصرف فيه. والمصاحبة والاصطحاب أبلغ من الاجتماع لأجل أن المصاحبة تقتضي طول لبثه فكل اصطحاب اجتماع وليس كل اجتماع اصطحابا ، والأصحاب للشيء الانقياد له.
راجع معجم مفردات ألفاظ القرآن. ص ٢٨٢.