أدلة القائلين بأن الباري لا يعلم ذاته
(قال : وقيل لا يعلم ذاته.
لأن العلم إضافة أو صفة ذات (١) إضافة فلا بدّ من الاثنينية ، ولا عبرة لإفضائه إلى كثرة في الذات وأيضا يلزم كون الواحد قابلا وفاعلا.
وأجيب بأن تغاير الاعتبار كاف كما في علمنا بأنفسنا ولا استحالة في كثرة الإضافات. وفي القابلية مع الفاعلية).
قيل : إنه لا يعلم ذاته القائلون بأنه ليس بعالم أصلا تمسكوا بوجهين :
أحدهما : أنه لا يصح علمه بذاته ولا بغيره. أما الأول فلأن العلم إضافة أو صفة ذات إضافة ، وأيا ما كان يقتضي اثنينية وتغايرا بين العالم والمعلوم ، فلا يعقل في الواحد الحقيقي.
وأما الثاني : فلأنه يوجب كثرة في الذات الأحدى من كل وجه ، لأن العلم بإحدى المعلومين ، غير العلم بالآخر للقطع بجواز العلم بهذا ، مع الذهول عن الآخر ، ولأن العلم صورة مساوية للمعلوم ، مرتسمة في العالم ، أو نفس الارتسام ، ولا خفاء في أن صور الأشياء المختلفة مختلفة ، فيلزم بحسب كثرة المعلومات ، كثرة الصور في الذات.
وثانيهما : أن العلم مغاير للذات لما سبق من الأدلة ، فيكون ممكنا معلولا له ضرورة امتناع احتياج الواجب في صفاته ، وكمالاته إلى الغير ، فيلزم كون الشيء قابلا وفاعلا وهو محال.
وأجيب عن الوجه الأول أولا بعد تسليم لزوم التغاير على تقدير كون العلم صفة ذات إضافة ، بأن تغاير الاعتبار كاف (٢) كما في علمنا بأنفسنا على ما سبق في بحث العلم ، لا يقال التغاير الاعتباري ، إنما هو بالمعلولية والمعلومية ، وهو فرع حصول
__________________
(١) سقط من (ج) أو صفة ذات إضافة.
(٢) في (ب) كان بدلا من (كاف).