الاستدلال على قدم الكلام
(قال لنا :
إن معنى المتكلم من قام به الكلام ، والمنتظم من الحروف حادث يمتنع قيامه بذات الله تعالى فتعين المعنى إذ لا ثالث. فإن قيل قد يطلق المتكلم ولا بقاء للكلام ليقوم ولو سلم فبلسانه لا به بل بلسان غيره ، والنظم قد يكون دفعي الأجزاء كما في نفس الحافظ ونقش الطابع فلا يمتنع قدمه وقيامه بالذات ، قلنا لا يشترط في القيام البقاء ولا التلبس بجميع الأجزاء والتكلم بلسان الغير ، مجاز عن إلقاء الكلام إليه ، وكونه النظم مرتب الأجزاء ممتنع البقاء ضروري وهو غير الصورة المرسومة أو المرقومة منه).
قوله لنا :
استدل على قدم كلام الله تعالى وكونه نفسيا لا حسيا بوجهين :
أحدهما : أن المتكلم من قام به الكلام لا من أوجد الكلام ، ولو في محل آخر ، للقطع بأنه موجد الحركة في جسم آخر لا يسمى متحركا ، وأن الله تعالى لا يسمى بخلق الأصوات مصوتا ، وأنا (١) إذا سمعنا قائلا يقول : أنا قائم نسميه متكلما ، وإن لم نعلم أنه الموجد لهذا الكلام. بل وإن علمنا أن موجده هو الله تعالى كما هو رأي أهل الحق وحينئذ فالكلام القائم بذات الباري تعالى لا يجوز أن يكون هو الحس أعني المنتظم من الحروف المسموعة ، لأنه حادث ضرورة ، أن له ابتداء وانتهاء ، وأن الحرف الثاني من كل كلمة مسبوق بالأول مشروط بانقضائه ، وأنه يمتنع اجتماع أجزائه في الوجود ، وبقي شيء (٢) منها بعد الحصول على ما سبق لنا (٣) نبذ من ذلك في
__________________
(١) في (ب) وأما بدلا من (وأنا)
(٢) في (أ) وبقاء شيء بدلا من (وبقى).
(٣) في (أ) بزيارة لفظ (لنا)